لائحة المراجع المعتمدة في هذا الملخص:
-مقدمة في العلوم السياسية للدكتور عبد الرحمان السالمي.
-مفاهيم السياسة للدكتورة هالة عبد العزيز.
-دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
-القانون رقم 36.12 المتعلق بالأحزاب السياسية.
-القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
-الديمقراطية وحقوق الإنسان (الأمم المتحدة).
-مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان (المفوضية السامية لحقوق الإنسان).
الفقرة الأولى: مفهوم السياسة:
يمكن تعريف السياسة بأنها ذلك النشاط البشري الذي يتميز به الإنسان عن باقي الكائنات الحية، ويعتبر المجتمع إطارا لهذا النشاط، فالسياسة لا تكون في فراغ وكذلك الإنسان لا يستطيع العيش في عزلة فالإنعزال يعني الموت.
كما أن الإنسان لا يمكنه القيام بأي عمل بمفرده، فكل جهد يقوم به يذهب هباءا وأمانيه تبقى سرابا ،وهذا ما عبرعنه هوبس عندما وصف الإنسان في الحالة الطبيعية،فقال أن حياته منعزلة،تعيسة،خسنة،بدائية وقصيرة لأن العيش مع الجماعة يعتبر من ضروريات الحياة الإنسانية.ولقد قال أرسطو أن الإنسان الذي يعيش وحده خارج المجتمع هو شبيه بالبهيمة أو إله.
ولا يشكل المجتمع إطار النشاط السياسي فقط ،وإنما يعتبر المادة التي تعطي لهذا النشاط شكلا معينا ، فالسياسة تعني تنظيم المجتمع وتحقيق وحدته وتدعيمها وخلق المؤسسات التي يقوم عليها، وإعطائه هيكل محدد وبنية محددة وسن القوانين والحقوق التي يرتكز عليها وتطبيقها، كما أنها تقوم بتعديل وتطوير كل هذا وفقا للتغيرات التي تحصل في الزمان والمكان بغية تحقيق الغاية التي تطمح السياسة إلى تحقيقها.
فالإنسان باستخدام السياسة يمكن أن يحول المجتمع ولكن في إطار معين يفرضه الواقع الإجتماعي كما أن السياسة تعزز وجود المجتمع والفرد معا إن القول بأن السياسة هي نشاط مجتمعي يذهب بنا إلى التساؤل عن المسؤول عن هذا النشاط، هل المجتمع بكافة أفراده أم فئة معينة داخل هذا المجتمع.
إن السياسة لا تعتبر حكرا للحكام فقط وإنما تتعداهم إلى فئات أخرى داخل المجتمع ،ففي كل مجتمع يوجد أشخاص وفئات تتصارع على السلطة وأيضا هناك فئات تعمل على التأثير في اتخاد القرارات السياسية ولكن عمليا يمكن القول بأن السياسة ليست من عمل كافة أفراد المجتمع فهناك أفراد داخل المجتمع لا يهتمون بشكل مباشر بالشأن السياسي بالرغم من انعكاس القرارات السياسية على حياتهم سواءا بشكل سلبي أو إيجابي.
ويحتمل مصطلح السياسة معاني وتعريفات متعددة.
الفقرة الثانية: بعض التعريفات لمصطلح السياسة:
-أصل الكلمة: أصل كلمة "سياسة" يعود إلى فعل "ساس"، بمعنى قام بالأمر وتدبره.
-يحتمل مصطلح السياسة معاني متعددة في اللغات الأجنبية، مثل نظام العلاقات في المدينة (polis) وطريقة الحكم (politeia).
-يستخدم مصطلح السياسة للإشارة إلى الصورة التي يكونها المجتمع عن نفسه، أي مجموعة العلاقات الاجتماعية على مستوى الجماعة البشرية.
-يعني مصطلح السياسة أيضاً مجموعة الآليات التي يستخدمها الحكام والفاعلون الإجتماعيون لإتخاذ القرارات والتأثير في مسارات اتخاذ القرار.
-يستخدم مصطلح السياسة بمعنى محايد لتدبير قطاع معين أو معالجة إشكالية معينة، مثل السياسة المتعلقة بحوادث السير.
-ستخدم مصطلح السياسة أيضاً بمعنى استراتيجية، أي مجموعة وسائل وتصرفات ممنهجة للوصول إلى هدف معين، مثل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
-علم السياسة من المنظور القانوني يركز على مفهوم الدولة.
-من المنظور السوسيولوجي يتمحور علم السياسة حول مفهوم السلطة.
-يعتبر البعض علم السياسة هو علم الدولة، حيث يركز على الدولة كمؤسسة قائمة، وعلى الحكومة والقانون.
-يرى البعض الآخر أن علم السياسة هو علم القوة أو السلطة، حيث يتجاوز الدولة ليشمل العلاقات بين مختلف الفئات داخل المجتمع.
الفقرة الثالثة: أهمية السياسة:
إن إدراك أفراد المجتمع لأهمية المصلحة المشتركة ووعيهم بأهميتها لا يكفي بل يجب إيجاد ضامن موضوعي لهذه المصلحة وهنا تتدخل السياسة لتلعب هذا الدور فكل أفراد المجتمع تربطهم علاقات متعددة في حياتهم اليومية ولكن هذا الإرتباط يظل عرضة للتفكك بسبب الخلافات الناتجة عن المصالح الفردية.
وهنا وجب العمل الدؤوب على الحفاظ على تماسك المجتمع السياسي وهذا لا يتحقق إلا بالتأكيد على وجود قيمة مشتركة للجميع تتعدى أهداف كل الأجزاء المكونة للمجتمع مما يجعل الغاية من السياسة الحفاظ على وجود مجتمع شامل أي المجتمع السياسي لأن الأفراد والجماعات يستمدون وجودهم من وجوده وللحفاظ على المجتمع يجب تأمين الوفاق الداخلي وتحقيق الأمن الخارجي والإزدهار.
الفقرة الرابعة: علاقة السياسة بالعلوم الأخرى:
السياسة هي فن وعلم الحكم وإدارة شؤون الدولة والمجتمع. وتربطها علاقة وثيقة بالعديد من العلوم الأخرى، حيث تتأثر بها وتؤثر فيها بشكل مباشر أو غير مباشر.
أولا:علاقة السياسة بعلم الإجتماع:
يقوم علم الإجتماع بدراسة سلوك الجماعات البشرية وتفاعلاتها، وهذا يساعد السياسة على فهم احتياجات المجتمع وتطلعاته، وكيفية اتخاذ القرارات التي تؤثر فيه.
ثانيا:علاقة السياسة بعلم النفس:
يقوم علم النفس بدراسة سلوك الفرد ودوافعه، وهذا يساعد السياسة على فهم كيفية تأثير القادة والخطباء على الجماهير، وكيفية تصميم الحملات الإنتخابية والإعلانية.
ويستخدم علم النفس في تصميم الحملات الإنتخابية حيث يعتمد المرشحون السياسيون على علم النفس لفهم دوافع الناخبين وتصميم الرسائل التي تجذبهم لكسب أصواتهم.
ثالثا:علاقة السياسة بعلم الإقتصاد:
يقوم علم الإقتصاد بدراسة كيفية إنتاج وتوزيع الثروة، وهذا يساعد السياسة على اتخاذ القرارات الإقتصادية التي تؤثر على حياة المواطنين، مثل تحديد الضرائب والإنفاق الحكومي.
يتم استخدام علم الإقتصاد في اتخاذ القرارات الإقتصادية حيث يعتمد صناع السياسات على علم الإقتصاد لتحليل الوضع الإقتصادي واتخاذ القرارات المناسبة بشأن الضرائب والإنفاق الحكومي.
رابعا:علاقة علم السياسة بالقانون:
يحدد القانون القواعد التي تحكم سلوك الأفراد والمؤسسات في المجتمع، وهذا يساعد السياسة على وضع القوانين التي تنظم عمل الحكومة وتحمي حقوق المواطنين.
خامسا:علاقة السياسة بالتاريخ:
يساعد التاريخ السياسة على فهم التجارب السابقة، وكيفية تجنب الأخطاء التي ارتكبت في الماضي، والإستفادة من النجاحات التي تحققت.
يتم استخدام التاريخ في فهم الأحداث الجارية ويساعد صناع السياسات على فهم أصول النزاعات والصراعات، وكيفية تجنب تكرار أخطاء الماضي.
سادسا:علاقة السياسة بالجغرافيا:
تؤثر الجغرافيا على السياسة من خلال تحديد الموارد الطبيعية المتاحة للدولة، والموقع الجغرافي الذي يؤثر على العلاقات الدولية.
إن السياسة والعلوم الأخرى مرتبطة بشكل وثيق، حيث يؤثر كل منهما في الآخر وفهم هذه العلاقة يساعدنا على فهم كيفية عمل السياسة وكيفية تأثيرها في حياتنا، وكيفية استخدام العلوم الأخرى لتحسين اتخاذ القرارات.
الفقرة الخامسة: مناهج البحث في علم السياسة:
أولا:تعريف مناهج البحث:
مناهج البحث العلمي هي مجموعة من القواعد والأنظمة العامة التي يتم وضعها من أجل الوصول إلى حقائق مقبولة حول الظواهر موضوع الإهتمام في مختلف مجالات المعرفة الإنسانية.
تختلف المناهج باختلاف الموضوعات المطلوب بحثها من قبل الباحثين، والذين يمكن أن يتبعوا مناهج علمية مختلفة.
لقد اختلف المختصون في الدراسات المنهجية بشأن تصنيف المناهج، ويمكن أن يندرج ضمن ما يسمى مناهج أو ما يمكن تسميته أساليب.
هناك من وضع ضوابط واسعة وهناك من تشدد في الشروط التي ينبغي توفرها في أسلوب البحث ليرقى إلى مستوى المنهج.
هؤلاء العلماء منهم من نظر إلى أهداف البحث ومنهم من نظر إلى المنطق الذي يتبعه المنهج وخصائصه، أو بصيغة أخرى الطريقة التي يتبعها الباحث لحل المشكلة.
وقد ترتب على اختلاف وجهات النظر تلك، اختلاف التصنيفات.
والمنهجية العلمية تعرف على أنها مجموعة من العمليات التي يتبعها الفكر البشري لإكتشاف واقعة علمية وإثباتها.
وبتعبير أدق، فإن المنهجية العلمية هي عملية تطبيق مجموعة من القواعد والخطوات المنظمة لدراسة مشكلة أو ظاهرة ما وصولا إلى حلول أو نتائج أو حقائق معينة.
والمنهجية العلمية في الدراسات السياسية هي الطريقة أو الأسلوب الذي يلتزم به الباحث منذ لحظة شروعه في دراسة قضية أو ظاهرة أو مشكلة سياسية معينة، من خلال التزامه بجملة من المبادئ والمعايير التي تعد جزءا من مواصفات الباحث الناجح.
وينبغي التمييز بين المنهجية العلمية التي تتسم بالشمولية، وبين المنهج العلمي الذي يعد بمثابة إطار للوصف أو التحليل أو الإستشراف، وهو جزء من المنهجية من خلال مجموعة من الأسس والقواعد التي يتبعها الباحث لإجراء المقارنة بين الأسس والنظرية والواقع العملي.
والباحث يسترشد بأكثر من منهج وذلك وفق ما يتطلبه موضوع البحث أو الدراسة.
وكمثال: تتطلب دراسة نظام سياسي معين الإسترشاد بالمنهج القانوني المؤسساتي وهو منهج ذو طبيعة وصفية لبيان شكل النظام السياسي وماهيته وبيان مؤسساته الدستورية، ومن ثم توظيف قواعد منهج تحليل النظم لدراسة المتغيرات التي تعد من قبيل المدخلات والمخرجات وتفاعلاتها مع البيئة المحيطة.
منهج البحث هو أسلوب الباحث في الوصول إلى حقائق الأشياء المحيطة به في الطبيعة والمجتمع من خلال مجموعة من الإجراءات الذهنية والواقعية التي يستخدمها لهذا الغرض.
ثانيا:المناهج المستخدمة في دراسة علم السياسة:
هناك مناهج عديدة تستخدم في دراسة علم السياسة ويمكن إجمالها فيما يلي:
1-المنهج القانوني المؤسساتي في علم السياسة:
لازال المنهج القانوني يعتمد عليه في تحليل الظاهرة السياسية رغم ظهور العديد من المناهج العلمية التي تحاول تفسير التفاعلات داخل الأنظمة السياسية. ويهدف إلى رصد الحياة السياسية من خلال تحليل مؤسسات الدولة التي تبين نظام الحكم.
كما يهدف أيضا إلى تفسير الحياة السياسية من خلال المنظومة القانونية بمختلف درجاتها وتصنيفاتها والجهة الدستورية التي تصدرها وتنفذها، ويبحث عن الهدف من تكوين مؤسسة معينة كالحكومة والبرلمان ورئاسة الدولة.
ويسعى إلى البحث عن كيفية تجنيد أعضاء المؤسسة بمعنى كيفية الوصول إلى المؤسسة هل عن طريق التعيين أو عن طريق الإنتخاب أو هما معا.
فالمنهج القانوني يبحث عن بنية المؤسسة من حيث تكوينها والأعضاء الذين تتكون منهم المؤسسة، ومن خلال ذلك يرصد العلاقات الممكنة بين المؤسسات السياسية من جهة وبينها وبين مؤسسات المجتمع المدني.
ويخلص في آخر المطاف إلى ترجيح مؤسسة سياسية على أخرى عبر تحديد اختصاصات كل مؤسسة على حدة من جهة أولى وعبر الأدوار داخل المؤسسة من جهة ثانية، وهذه الأدوار قد تساهم في ثبات المؤسسة وسكونها، وإما في تفسيرها في اتجاه تطوير وتنمية المؤسسة أو الإطاحة بها.
ولقد تعرض المنهج المؤسساتي القانوني بحكم تطورات الأنظمة السياسية والممارسة السياسية المبنية على تطور المجتمع، لعدة انتقادات:
-يعتبر هذا المنهج الوصفي سكونيا لا يهتم بطبيعة القوى الفاعلة داخل المؤسسة ولا بالسلوك الفردي والجماعي ومدى تأثيره على اتخاذ القرار السياسي، وبذلك فهو يركز على دراسة المؤسسات ووظائفها واختصاصاتها وعلاقاتها.
-هو منهج محدد ومجرد، محدد لأنه يركز على الخصائص القانونية الدستورية للمؤسسة فقط، مجرد لأنه يتعامل مع الظاهرة السياسية -بمعزل عن البيئة والمحيط الداخلي والخارجي على حد السواء وهو ما يعرف ببيئة النظام السياسي.
-هذا المنهج لا يصلح لدراسة جميع الأنظمة السياسية سواء البدائية أو المتخلفة وسواء الأنظمة السياسية المتقدمة، لأن طبيعة المؤسسات السياسية تختلف من نظام سياسي إلى آخر، وأن القدرة التدبيرية للمؤسسات ليست قابلة للمقارنة بين الأنظمة السياسية.
وبالتالي يصعب الوصول إلى نتائج علمية مضبوطة ودقيقة، وعلى أساس التفكير في بلورة مناهج علمية أخرى تساعد على الفهم الشامل للدروس السياسية.
2-المنهج الفئوي والمنهج النخبوي:
أ-المنهج الفئوي:
ظهر المنهج الفئوي كرد فعل على المنهج المؤسساتي في تحليل النظم السياسية.
ويقصد بالمنهج الفئوي دراسة الظاهرة السياسية ليس من منطلق المؤسسات ولكن من منطلق الفئات المؤثرة المتواجدة داخل النظام السياسي وعلى وجه الخصوص الفئات ذات المصالح، والتي توجد في العديد من الأنظمة السياسية المقارنة، وبالتالي فهي تصلح لأن تكون محطة تحليل سياسي لنمو كيفية اتخاذ القرار السياسي، لأن عملية صنع القرار السياسي والإقتصادي ما هي في الحقيقة إلا نتيجة لتوازن أو رجوح فئة على أخرى من خلال الضغط المتبادل بينهما من أجل تحديد حالة النظام السياسي ووضعيته في وقت معين.
بالتالي فإن التنافس بين الفئات ذات المصالح هو الذي يحدد من يحكم خصوصا على مستوى الفئات المنظمة والشرعية، على أساس أن الفئات الغير منظمة تطرح إشكالات عديدة يصعب تسليط الدراسة العلمية الموضوعية عليها.
فأساس تكوين الفئات غير الرسمية القرابة والإلتزام الإيديولوجي والتماثل الطبيعي والزمالة في الدراسة لا تساعد على فهم تفاعلات الظاهرة السياسية.
وتتجلى أهمية وقوة المنهج الفئوي في أنه يكشف عن القوى والعناصر المحركة للنظام السياسي، بحيث يرى أنصار هذا المنهج أن العملية السياسية التي تنفذ المؤسسات تمظهرا قانونيا لها ما هي إلا انعكاسا للتأثيرات التي تمارسها مختلف الفئات ذات المصالح خصوصا في المنظمة.
وتكمن صعوبة تطبيق هذا المنهج في أنه لا يربط بين المتغيرات في شكل شمولي ومترابط فهو يحصر الظاهرة السياسية وتفاعلاتها فقط في الحضور القوي للفئات ذات المصالح.
ب-المنهج النخبوي:
يعد المنهج النخبوي من أهم المناهج الملائمة لدراسة النظم السياسية المقارنة، ويركز خلفا للمنهج القانوني على عدد قليل من صناع القرار السياسي، وأن المجتمع في نظر أصحاب هذا المنهج ينقسم إلى صنفين الحكام والمحكومين.
فالحكام نخبة تستحوذ على السلطة وتتخذ القرارات الهامة التي تؤثر على المسار الإجتماعي واتخاذ القرارات السياسية انطلاقا من الإنتماء العائلي أو التحكم في موارد الإنتاج أو من مجموعة القيم الدينية أو الإجتماعية أو من خلال التعليم واكتساب ممارسات وتقنيات منفردة وخصوصية.
والمحكومون هم باقي الشرائح الإجتماعية التي تشكل الأغلبية والتي لا تشارك في عملية صنع القرار بل هي فقط تستقبل دون أن تناقش.
فرواد هذا المنهج يعتقدون أن أي منتظم سياسي لا يخلو من وجود نخب سياسية يعود لها حق المبادرة واعتماد المشاريع المختلفة.
وبالتالي، يمكن رصد مقارنة مع النظم السياسية، ولقد كان أفلاطون من بين المفكرين الأوائل الذين أسندوا مهمة الحكم إلى الملك الفيلسوف على أساس النظام التربوي الموجه، وقد استمر هذا المنحى تاريخيا حيث تبلور عنه العديد من المفكرين بشكل علمي وقوي خصوصا خلال القرن التاسع عشر إلى حدود الآن.
3-المنهج الطبقي والمنهج الفيبري:
أ-المنهج الطبقي:
يعتمد هذا المنهج على تقسيم المجتمع إلى طبقات، طبقة مستغِلة وطبقة مستغَلة. ويعتبر كارل ماركس وآدم سميث من رواد هذا المنهج.
وتعرف الطبقة بأنها مجموعة من الأفراد يحتلون مواقع مماثلة بالنسبة للملكية والثروة أو القوة أو السلطة أو النفوذ.
وفي كل مجتمع توجد عدة طبقات ترتبط فيما بينها بعلاقة سيطرة وخضوع.
إن الصراع بين الطبقات هو الذي يولد التغيير والتطور، والإنتقال من نظام إلى آخر من وضعية سياسية إلى وضعية أخرى ومن واقع اجتماعي وسياسي واقتصادي إلى واقع آخر.
حيث خلص الفيلسوف الألماني ماكس فيبر بدراسته المادية للتاريخ في قراءة علمية سيحصل تطور في العلاقة بين من يملكون وسائل الإنتاج وبين قوى الإنتاج أي الطبقة البورجوازية وطبقة العمال ليؤدي ذلك إلى انتصار طبقة البروليتاريا طبقة العمال ولتنتهي الدولة بوصول المجتمع إلى مرحلة الدولة الشيوعية أي المرحلة الشيوعية.
ب-المنهج الفيبري:
عرف ماكس فيبر بأنه رائد السوسيولوجية الفهمية وعرف أيضا باهتمامه بعلم الإجتماع السياسي من خلال دراسته للسلطة ولأنماطها المثالية الاجتماعية لفهم الحدث أو الواقعة السياسية.
وبالتالي فالباحث يستخرج من بيت التيار اللامتناهي للأحداث النموذج الخاص للعوامل التي يمكنها في ظل شروط زمانية ومكانية معينة أن تفسر الحدث.
لقد وضع فيبر ثلاثة نماذج لتفسير السلطة في المجتمعات وعبر التاريخ، حيث حدد السلطة التي تعتمد على المشروعية العقلانية والسلطة التي تعتمد على المشروعية التقليدية والسلطة التي تعتمد على كاريزمية الحاكم.
4-المنهج البنيوي والمنهج الفلسفي المثالي والمنهج النظمي أو النسقي:
أ-المنهج البنيوي:
يعتمد على البنية المغلقة كوحدة للتحليل السياسي، ويقوم على دراسة الظاهرة من الداخل ولا يهتم بالعوامل الأخرى.
كما يقوم أولا بفك شفرة الظاهرة من خلال عنصر التفكيكية، ثم يقوم بتحليل ما تم تفكيكه داخليا، أي قراءة مضمون ومحتويات الوثيقة السياسية أو النظر إلى الظاهرة السياسية من الداخل. ويستبعد كل العوامل الإيديولوجية والفكرية للباحث وعدم توظيفها في دراسة الظاهرة.
ب-المنهج الفلسفي المثالي:
منهج استنباطي يستهدف الكشف عما يجب أن يكون عليه الواقع السياسي حتى يكون مثاليا فاضلا.
ومن أبرز من استخدموا هذا المنهج أفلاطون، خصوصا في فكرته عن المدينة الفاضلة.
وأقرب المناهج إليه هو المنهج القانوني المستخدم في دراسة القانون الدولي، حيث إن القانون الدولي هو في النهاية مجموعة مبادئ قانونية مثالية تستهدف تحقيق واقع دولي مثالي. مثل مبدأ حل المنازعات بالطرق السلمية ومبدأ المساواة في السيادة بين الدول.
ت-المنهج النظمي أو النسقي:
يعتمد على مجموعة من العناصر التي يتلقاها النظام ويبحث عن إيجاد حلول لها مع الفاعلين السياسيين وغير السياسيين وتتجلى هذه العوامل في:
-المدخلات:
وهي مجموع المطالب التي يتلقاها النظام السياسي، إما في شكل دعم ومساندة أو في إطار انتقاد موجه للفاعلين ولمتخذي القرارات والسياسات العمومية، وتلعب المؤسسات الغير رسمية دورا أساسيا في نقل المطالب المختلفة للنظام السياسي.
-المخرجات:
وهي مجموع القرارات التي يتخذها النظام ومجموع السياسات التي يتبناها النظام.
5-المنهج التاريخي:
التاريخ سجل لما حققه الإنسان، وهو سجل له دلالته ومغزاه وليس تسجيل لأحداث زمنية، وإنما يدرس الأفكار والأحداث في الحال الحاضر ومخلفات الماضي وأثرها.
ويعتمد على التصور الذهني والإبداعي ولقد ارتبط التاريخ قديما بالعلوم السياسية، لأن المنشغلين بالتاريخ كانوا دائما في حاجة للإطلاع على المجريات السياسية، وبقدر ما كان المنشغلون بالعلوم السياسية بدورهم في حاجة دائمة للرجوع إلى الأصول التاريخية للمشكلات السياسية التي يعكفون على معالجتها.
ويرتكز أهم ما يهتم به المشغلون بالعلوم السياسية حول موضوعين اثنين:
الموضوع الأول خاص باتخاذ القرارات السياسية من حيث الظروف التي تتخذ فيه، ومن حيث القوى المؤثرة، والتي تقرر في النهاية طبيعة القرار السياسي، على اعتبار أنه يأتي معبرا عن مصالح تلك القوى.
والموضوع الثاني يدور حول القرارات السياسية، حيث يهتم هؤلاء بتاريخ تلك المؤسسات، تنفيذية كانت، كالوزارة، أو تشريعية، كالبرلمان، أو جماعية، كالأحزاب والنقابات.
فعند دراسة مؤسسة البرلمان يقوم الباحث بتتبع تاريخ المجالس التي تتكون منها تلك المؤسسة التشريعية، من حيث ظروف نشأتها وتركيبة نوابها وعلاقتها بالمؤسسات الأخرى.
ويقوم المنهج التاريخي على تسجيل أحداث ووقائع عالم السياسة دون تفسير أو تأويل لهذه الأحداث والوقائع.
ويقدم التاريخ للمحلل السياسي سجلاً لأحداث عالم السياسة يساعده على فهم وتفسير هذا العالم، لذلك يقال إن علم السياسة بلا تاريخ هو كنبات بلا جذور والتاريخ بدون علم السياسة هو كنبات بلا ثمر، وهو ما يفسر استخدام هذا المنهج في دراسة تاريخ العلاقات الدولية.
خطوات المنهج التاريخي:
أ-انتقاء واختيار المشكلة:
لا بد من اختيار الموضوع في الظاهرة السياسية، وهي تعني تحديد الفكرة العلمية التاريخية التي ستقوم حولها التساؤلات، الأمر الذي يؤدي إلى تحريك عملية البحث التاريخي.
ب-جمع المادة التاريخية:
من الأعمال الأولى والمهمة التي يقوم بها الباحث للحصول على أفضل مادة تاريخية أن يقوم بدراسة كل الظواهر أو الشواهد التي اعترضت الإنسان بالسابق ويبدأ بكتابتها على أن تكون متعلقة بمشكلة البحث.
6-المنهج الوصفي:
المنهج الوصفي هو المنهج الذي يتجه إلى جمع البيانات العلمية المتعلقة بأية وحدة سواء أكانت فردا أو مؤسسة أو نظاما اجتماعيا أو مجتمعيا محليا أو عاما، وهو يقوم على أساس التعمق في دراسة مرحلة معينة من تاريخ الوحدة أو دراسة جميع المراحل التي مرت بها، وذلك بقصد الوصول إلى تعميمات علمية متعلقة بالوحدة المدروسة وبغيرها من الوحدات المتشابهة لها.
ويقوم المنهج الوصفي على جمع الحقائق والمعلومات ومقارنتها وتحليلها وتفسيرها للوصول إلى تعميمات مقبولة، ودراسة وتفسير الظاهرة من خلال تحديد خصائصها وأبعادها وتوصيف العلاقات بينها، بهدف الوصول إلى وصف علمي متكامل لها.
إن المتتبع لتطور العلوم يستطيع أن يلمس الأهمية التي احتلها المنهج الوصفي في هذا التطور، ويرجع ذلك إلى ملائمته لدراسة الظواهر الإجتماعية، لأن المنهج يصف الظواهر وصفا موضوعيا من خلال البيانات التي يتحصل عليها باستخدام أدوات وتقنيات البحث العلمي.
ولقد ارتبطت نشأة هذا المنهج بالدراسات المبكرة في فرنسا وإنجلترا على المستوى الإجتماعي، وكذا بالدراسات الأنثروبولوجية في الولايات المتحدة.
خطوات المنهج الوصفي:
أ-مرحلة الإستكشاف والصياغة:
الشعور بمشكلة البحث وجمع البيانات والمعلومات الأولية التي تساعد الباحث في تحديدها. وصياغة إشكالية البحث بشكل سؤال أو مجموعة أسئلة بكل دقة وموضوعية. ووضع فرضية أو مجموعة فرضيات كحلول مؤقتة لإشكالية الدراسة كموجه لجهود الباحث بغية الوصول إلى الأهداف المسطرة.
ب-مرحلة التشخيص والوصف المعمق:
تحديد مجتمع البحث واختيار العينة المناسبة التي ستجرى عليها الدراسة، من خلال تحديد حجمها وأسلوب اختبارها، مع اختيار أدوات البحث المناسبة لجمع البيانات (كالإستمارة، المقابلة) وحساب صدقها وثباتها. وجمع البيانات والمعلومات المطلوبة بطريقة دقيقة ومنظمة.
ج-مرحلة استخلاص من النتائج ووضع التعميمات:
في هذه المرحلة يقوم الباحث بتحليل البيانات وتفسيرها من أجل استخلاص النتائج، ووضع تعميمات في حدود الظاهرة والمعطيات المتوفرة ووضع اقتراحات وتوصيات تتعلق بمستقبل دراسة الظاهرة.
7-المنهج التجريبي:
منهج استقرائي استنباطي يقوم على ملاحظة الواقع السياسي والتجريب في شأنه بهدف التفسير والتعميم والتوقع.
ويبدأ الباحث بملاحظة الواقع لكي يصور فرض أولي، ثم يدخل التجريب فإن ثبتت صحة الفرض الأولي يصلح للتفسير ويصير قانونا علميا عاما صالحا للإستعانة به في فهم الواقع السياسي والتوقع في شأنه.
ويمكن القول أن الباحث يكتفي بتجميع الآراء والحقائق المهمة جدا ويعرضها بشكل مختصر ومبسط ويربط بها الأسئلة والإستفسارات والفروض التي بدأ بها ويكتب هنا ما إذا كان التفسير الذي قدمه كافيا أم لا، فيجب أن يعرض مادته العلمية بشكل مبسط مفهوم جذاب ودقيق.
خطوات المنهج التجريبي:
تتلخص خطوات هذا المنهج في ثلاث خطوات وهي:
أ-الملاحظة:
الملاحظة هي المشاهدة الدقيقة لظاهرة ما مع الإستعانة بالأساليب العلمية، وهي تهدف إلى الكشف عن الحقائق المتعلقة بالظاهرة المدروسة.
ومن شروطها أن تكون موضوعية بعيدة عن الذاتية وإقحام الميول الخاصة، وأن تكون كاملة وشاملة لكل العوامل التي تؤثر في إحداث الظواهر، وأن تكون دقيقة في زمنها ومكانها ويستخدم فيها أدوات دقيقة ومحكمة في القياس.
ب-وضع الفروض العلمية:
هو ذلك التفسير المؤقت الذي يضعه الباحث للتكهن بالقانون أو القوانين التي تحكم الظاهرة، ويعتمد الباحث في صياغته لفروضه على خبرته السابقة في مجال دراسته، وما يتصل بها من معارف، كما تعتمد على خيال الباحث وذكائه وقدرته على استغلال معلوماته السابقة، ولا يكون الفرض علميا إلا إذا تحققت فيه الشروط التالية:
-أن يكون الفرض واقعيا أي مستوحى من الواقع.
-أن يكون غير متناقض مع فروض أخرى.
-أن يكون قابلا للتحقق التجريبي.
-أن يكون كافيا لتفسير الظاهرة من كل النواحي.
-أن يكون واضحا وموجزا في صياغته.
ج-التجريب:
هي من أهم خطوات المنهج التجريبي، فلا قيمة للفرض العلمي إذا لم يتم التحقق منه بالتجريب، وهناك بعض الأمور الواجب مراعاتها في التجريب أهمها:
-أن لا يختبر الباحث أكثر من فرض واحد في وقت واحد.
-أن لا يتحيز الباحث أثناء اختبار الفروض لفرض دون آخر.
-تهيئة كل الظروف التجريبية للكشف عن العلاقات السببية بين المتغيرات.
ومن مزايا المنهج التجريبي أنه يمكن تكرار التجربة والتأكد من سلامة النتيجة، كما أنه يمكن اطلاع أناس آخرين على عملية القيام بالتجربة والوصول إلى النتيجة المطلوبة، ويمتاز هذا المنهج أيضا بالسهولة والمقدرة على عزل بعض العوامل المؤثرة في النتيجة وإضافة عوامل أخرى تساعد على كشف العلاقات بين العناصر التي تتكون منها أية مشكلة.
8-المنهج السلوكي:
يقوم على الإفادة من نتائج العلوم السلوكية في مجال الأبحاث السياسية معتبرا أن علم السياسة هو علم ديناميكي يركز على التفاعل بين الظواهر السياسية وبيئتها المحيطة، حيث إنها ظواهر غير جامدة. ويركز هذا المنهج على توجهات ودوافع واستجابات الأفراد والجماعات وتأثير كل ذلك على سلوكهم السياسي. ومن أبرز مفكري هذا المنهج ديفيد إيستون الأمريكي.
9-المنهج المقارن:
أضحت معظم الدراسات المعاصرة في العلوم السياسية على وجه الخصوص تعتمد على هذا المنهج حتى بات الكثير من المتخصصين يطلقون على دراساتهم بالسياسات المقارنة، أو النظم السياسية المقارنة.
وتجري عملية المقارنة بين نظامين سياسيين أو عهدين أو مرحلتين أو سلوكين سياسيين لصناع قرار دولتين أو سياستين خارجيتين أو بين منظمتين دوليتين أو إقليميتين أو بين مؤسستين في نظامين سياسيين أو بين مؤسستين في نظام سياسي واحد أو نظامين سياسيين وما إلى ذلك.
وتعتمد المقارنة على تشخيص أوجه الشبه والإختلاف بين الموضوعين المقارن بينهما، وعلى ذلك لا تصح بتاتا المقارنة بين طرفين متشابهين بشكل كلي أو مختلفين بشكل كلي.
وهناك قواعد ومبادئ معينة ينبغي الإلتزام بها في التحليل المقارن للنظم السياسية للوصول إلى الأهداف المنشودة من هذا التحليل، وتتمثل أهم هذه القواعد فيما يلي:
أ-التحديد الواضح من جانب الباحث للوحدات أو العناصر أو الظواهر التي ستتم المقارنة بينها، وضرورة إخضاعها في التحليل لنفس المناهج بما يحقق الدقة العلمية في رصد جوانب الإتفاق والإختلاف.
ب-شمولية المقارنة لكافة أوجه الإختلاف والإتفاق بين الوحدات الخاضعة للمقارنة.
ج-مراعاة أن لا تكون الوحدات أو الظواهر المراد المقارنة بينها متماثلة تماما أو مختلفة تماما، فلا بد أن تشتمل على أوجه ونقاط للإختلاف وأخرى للتماثل والإتفاق، أي أنه لا بد من وجود قدر من التشابه الجزئي بين الظواهر، ويرتبط ذلك بانتماء هذه الوحدات إلى إطار حضاري أو ثقافي واجتماعي واحد ومتقارب.
خطوات المنهج المقارن:
يعد المنهج المقارن كغيره من المناهج في العلوم الإجتماعية، يتضمن مجموعة من الخطوات المتبعة في دراسة الظواهر لكشف حقائقها، والتي يمكن إجمالها في العناصر التالية:
أ-تحديد مشكلة البحث واختيار وحدة التحليل الخاضعة للمقارنة.
ب-بناء على تحديد مشكلة البحث، يقوم الباحث بصياغة الفروض التي تكون عبارة عن جمل تقريرية تتضمن علاقات افتراضية بين متغيرين أو أكثر.
ج-تحديد المفاهيم والتعريفات الإجرائية، التي نعبر بها عن الظواهر والتي تساعدنا في عملية المقارنة، وهذه الخطوة تعد أساسية للباحث التي لا غنى عنها، فبدون بناء شبكة من المفاهيم لا يمكن أن يكون هناك قاسم مشترك ينتظم العديد من الموضوعات الخاضعة للمقارنة، فالتجريد ثم التعميم تلك هي خطوات المقارنة، والمفاهيم هي المعالم التي تنير طريق المقارنة.
د-جمع البيانات ووصف الحقائق التي تم الحصول عليها من خلال عملية التصنيف.
هـ-تحديد أوجه التماثل والإتفاق، والتباين والإختلاف وتوصيفها وتحليلها إلى مستوى الإيضاح والتجريد النظري من صدق الفرضيات المطروحة من عدمه خلال فترة الملاحظة الدقيقة.
و-الوصول إلى نتائج ممكن قبولها.
ي-صياغة النتائج العلمية، والتحقق منها.
الفقرة السادسة: الديمقراطية تعريفها وخصائصها:
أولا: تعريف الديمقراطية وأهدافها:
1-المقصود بالديمقراطية:
مصطلح الديمقراطية هو كلمة يونانية الأصل وتعني "حكومة الشعب" أو "سلطة الشعب".
في المفهوم الديمقراطي، الشعب هو الذي يحكم نفسه بنفسه، وهو مصدر السلطات في الدولة ويختار الحكومة والنظم السائدة في الدولة سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا فالشعب هو أساس الحكم، وأساس السلطات، ومصدر القانون الذي تخضع له الدولة.
الديمقراطية في المجتمع اليوناني، وخاصة أثينا، لا تعكس الديمقراطية الحقيقية بصورتها الحالية فالمجتمع اليوناني كان منقسما إلى طوائف لا تتمتع جميعها بالحقوق السياسية وهذه الطوائف كانت مقسمة على الشكل التالي:
-الأرقاء: محرومون من الحقوق السياسية.
-الأحرار: لم يبلغوا مرتبة المواطنين، ولا يتمتعون بالحقوق السياسية.
-المواطنون الأحرار: وحدهم لهم حق ممارسة الحقوق السياسية، أي إدارة البلاد داخليا وخارجيا.
ويتبين من خلا ل هذا التقسيم أن فئة قليلة فقط من المجتمع اليوناني كانت تمارس سلطة الحكم، على عكس الديمقراطية الحالية التي تعطي جميع أفراد الدولة حق المشاركة السياسية في إدارة شؤون البلاد.
تعرف الديمقراطية أيضا بأنها شكل من أشكال الحكم في الدولة يشارك فيها كل المواطنين المؤهلين بعدالة ومساواة، إما مباشرة أو بواسطة ممثلين منتخبين عن الشعب، من أجل اقتراح وتطوير ووضع القوانين.
تعتبر الديمقراطية اليوم هي الشرعية الوحيدة التي لا بديل عنها، باعتبارها منهج حكم يسيطر على مصادر العنف وأسباب الصراع، نتيجة لضمان حق المشاركة السياسية الفعالة لكل أفراد الشعب في اتخاذ القرارات الهامة وفق الشرعية الدستورية التي تحمي حقوق وحريات الأفراد. فحماية حقوق وحريات الأفراد سمة عامة تتميز بها نظم الحكم الديمقراطي الحقيقي.
ولقد عرفتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان والديموقراطية بقولها:
الديمقراطية هي أحد المثل العليا المعترف بها عالميا والقائمة على قيم مشتركة تتبادلها الشعوب في مختلف أنحاء العالم، بغض النظر عن الإختلافات الثقافية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية.
وكما هو معترف به في إعلان وبرنامج عمل فيينا، تقوم الديمقراطية على إرادة الشعب المعبر عنها بحرية لتقرير نظمه السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية ومشاركته التامة في جميع جوانب حياته.
والديمقراطية والتنمية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية أمور مترابطة ومتداعمة.
2-أهداف الديمقراطية:
يمكن إجمال أهداف الديموقراطية فيما يلي:
-الحفاظ على كرامة الفرد وحقوقه الأساسية وتعزيزها.
-تحقيق العدالة الإجتماعية.
-تشجيع التنمية الإقتصادية والإجتماعية للمجتمع.
-تعزيز تماسك المجتمع.
-توطيد الأمان الوطني.
-إرساء مناخ مؤات للسلام الدولي.
وتعتبر الديمقراطية، كشكل من أشكال الحكم، مرجعا أساسيا للجميع لحماية حقوق الإنسان، وهي توفر بيئة لحماية حقوق الإنسان وإعمالها إعمالا فعليا.
واليوم وبعد مضي فترة على تحقيق الديمقراطية في مختلف أنحاء العالم، يبدو أن العديد من النظم الديمقراطية تتراجع. ويظهر أن بعض الحكومات تتعمد إضعاف إجراء عمليات تحقق مستقلة بشأن سلطاتها، والقضاء على أي نقد، وتفكيك الرقابة الديمقراطية وضمان حكمها لمدة طويلة، مع أثر سلبي على حقوق الشعب.
ثانيا: خصائص ومميزات الديمقراطية:
1-وجود دستور:
يقوم الدستور بوضع القواعد الأساسية لنظام الحكم في الدولة، وكيفية تشكيل السلطات العامة (التشريعية، التنفيذية، القضائية)، والعلاقات فيما بينها، والمقومات الأساسية للمجتمع، وحقوق الأفراد وضماناتها.
وتعتبر القواعد التي يقررها الدستور أسمى القواعد القانونية، حيث لا يجوز تعديلها إلا بإجراءات مشددة. ومبدأ سمو الدستور يعني علو القواعد الدستورية على غيرها من القواعد القانونية، وأي قانون تصدره الدولة يجب أن لا يكون مخالفا للدستور، سواء كان مكتوبا أو عرفيا.
2-سيادة القانون:
القانون لغة هو مقياس كل شيء وإصطلاحا هو مجموعة القواعد والأحكام العامة الثابتة التي تحكم الناس في علاقاتهم الإجتماعية، تصدرها وتنفذها الدولة، ممثلة في المجلس التشريعي الذي يقرها، والمحاكم التي تطبقها، والسلطة التنفيذية التي تراقب تنفيذ أحكام القضاء، وتعاقب المخالف.
فالقانون يسري على الجميع، ولا فرق بين حاكم ومحكوم، طبقا لمبدأ المساواة أمام القانون أو مبدأ سيادة القانون، باعتباره أحد مبادئ الدولة الديمقراطية الحديثة.
ومبدأ سيادة القانون يساعد على استقرار النظام العام للمجتمع، فحينما تطبق مبادئ العدل ينعكس ذلك إيجابيا على شكل خيرات مادية وروحية، ومبدأ سيادة القانون في الدولة الديمقراطية ليس مبدأ نظريا، وإنما يمثل فلسفة سياسية وقانونية للدولة العصرية التي يحترم حكامها رعاياها.
3-حرية التعبير وإبداء الرأي:
تقاس حرية أي مجتمع بمدى حرية صحافته ووسائله الإعلامية، وقدرة أفراده على التعبير عن آرائهم وأفكارهم ونشرها بحرية وبدون قيود ومن حق كل فرد في المجتمع أن يتمتع بحرية التعبير وإبداء الرأي والحصول على المعلومة ونشر الأفكار بحرية وبدون أي قيد.
ويشمل ذلك حرية الإجتماعات العامة، ولا يستثنى من ذلك سوى ما يمس بالمصالح العليا للبلاد، على أن يكون الحكم في ذلك للقضاء وحده.
4-حرية تكوين الأحزاب السياسية:
تعد التعددية الحزبية من أساس الديمقراطية حيث لا يمكن لهذه الأخيرة أن تزدهر في ظل نظام الحزب الواحد أو الحزب المسيطر، حيث أن احتكار السلطة من قبل حزب واحد لفترة طويلة يقوض مبادئ التنافسية والتمثيل العادل لإرادة الشعب.
تعتبر الأحزاب السياسية والنقابات العمالية أدوات أساسية للمواطنين للتعبير
عن مصالحهم المختلفة والمشاركة في صنع القرار السياسي.
يجب أن يكفل الدستور والقوانين حرية تأسيس الأحزاب السياسية والإنضمام
إليها، وحماية هذه الأحزاب من أي تدخل أو قمع من قبل السلطة الحاكمة.
تعتبر حرية تكوين الأحزاب السياسية من الحقوق الأساسية التي تضمنها الدساتير والمواثيق الدولية، وهي شرط ضروري لقيام نظام ديمقراطي حقيقي. فالأحزاب السياسية تلعب دورا محوريا في تمثيل مختلف التيارات السياسية والفكرية في المجتمع، وتساهم في تنشيط الحياة السياسية والمشاركة في صنع القرار.
ونذكر على سبيل المثال دستور المملكة المغربية لسنة 2011 حيث أشار في الفصل 7 على أن الأحزاب السياسية تساهم في التعبير عن إرادة الناخبين والمشاركة في الحياة السياسية وتنظيمها. كما يضمن الدستور حرية تأسيس الأحزاب والإنضمام إليها، وذلك في إطار القانون.
وكذلك القانون رقم 36.12 المتعلق بالأحزاب السياسية حيث يحدد هذا القانون شروط تأسيس الأحزاب السياسية، وحقوقها وواجباتها، وكيفية تمويلها، وغيرها من الأحكام المتعلقة بتنظيم الأحزاب.
5-استقلال السلطة القضائية:
يعتبر استقلال القضاء عنصرا حاسما في ضمان سيادة القانون وحماية حقوق المواطنين وحرياتهم.
ويجب أن يتمتع القضاة بالاستقلالية التامة في أداء وظائفهم، دون خوف أو تحيز، وأن يكونوا مسؤولين فقط أمام القانون، ويتطلب استقلال القضاء توفير ضمانات دستورية وقانونية، بحيث يجب أن يتم تعيين القضاة من خلال لجنة قضائية مستقلة، وليس من قبل السلطة التنفيذية، كما يجب أن يتمتع القضاة بالحصانة ضد أي تدخل في شؤونهم القضائية وأن لا يتم عزل القضاة إلا بموجب إجراءات تأديبية خاصة، ولأسباب محددة، بالإضافة إلى إستقلال القضاة لابد من استقلال المحامين أيضا لأنهم يلعبون دورا هاما في الدفاع عن حقوق الأفراد والمؤسسات.
ولقد أشار دستور المملكة المغربية لسنة 2011 في الفصل 107 على أن السلطة القضائية مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية.
كما يضمن الدستور استقلال القضاة، وعدم خضوعهم لأي تدخل أو ضغط من أي جهة كانت.
وكذلك القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، يحدد هذا القانون مهام المجلس الأعلى للسلطة القضائية، واختصاصاته، وكيفية تسييره، وذلك بهدف ضمان إستقلال القضاء وتعزيز نزاهته.
--------------------------
الفهرس:
الفقرة الأولى: مفهوم السياسة:
الفقرة الثانية: بعض التعريفات لمصطلح السياسة:
الفقرة الثالثة: أهمية السياسة:
الفقرة الرابعة: علاقة السياسة بالعلوم الأخرى:
أولا:علاقة السياسة بعلم الإجتماع:
ثانيا:علاقة السياسة بعلم النفس:
ثالثا:علاقة السياسة بعلم الإقتصاد:
رابعا:علاقة علم السياسة بالقانون:
خامسا:علاقة السياسة بالتاريخ:
سادسا:علاقة السياسة بالجغرافيا:
الفقرة الخامسة: مناهج البحث في علم السياسة:
أولا:تعريف مناهج البحث:
ثانيا:المناهج المستخدمة في دراسة علم السياسة:
1-المنهج القانوني المؤسساتي في علم السياسة:
2-المنهج الفئوي والمنهج النخبوي:
3-المنهج الطبقي والمنهج الفيبري:
4-المنهج البنيوي والمنهج الفلسفي المثالي والمنهج النظمي أو النسقي:
5-المنهج التاريخي:
6-المنهج الوصفي:
7-المنهج التجريبي:
8-المنهج السلوكي:
9-المنهج المقارن:
الفقرة السادسة: الديمقراطية تعريفها وخصائصها:
أولا: تعريف الديمقراطية وأهدافها:
1-المقصود بالديمقراطية:
2-أهداف الديمقراطية:
ثانيا: خصائص ومميزات الديمقراطية:
1-وجود دستور:
2-سيادة القانون:
3-حرية التعبير وإبداء الرأي:
4-حرية تكوين الأحزاب السياسية:
5-استقلال السلطة القضائية: