التطور التاريخي للأوراق التجارية وتعريفها وخصائصها وأنواعها


لتحميل الموضوع سوف تجدون الرابط أسفل الموضوع.

لائحة المراجع المعتمدة:

-مدونة التجارة.
-الوسيط في الأوراق التجارية للأستاذ أحمد شكري السباعي.
-الأوراق التجارية في ضوء مدونة التجارة المغربية للأستاذ  محمد الشافعي.
-قانون الإلتزامات والعقود.
-القانون العراقي لسنة 1984.
-الحماية القانونية لحامل الكمبيالة للأستاذة لطيفة الداودي.
-محاضرات في مادة وسائل الأداء والإئتمان للأستاذ خالد بن مومن.

مقدمة:

قد قامت مدونة التجارة المغربية بتنظيم وسائل الأداء والإئتمان في الكتاب الثالث منها تحت مسمى الأوراق التجارية.

وتجدر الإشارة أولا إلى أن التعامل بالأوراق التجارية قديم وليس وليد هذا العصر، ولقد اختلف الباحثون حول أصل الأوراق التجارية التاريخي إلا أنها نشأت بسبب الأعراف التي كانت بين التجار، ولقد بدأ تقنين الأوراق التجارية، في أوروبا خلال القرن السابع عشر.

أما المغرب فلقد ظهر أول تقنين للأوراق التجارية خلال فترة الإحتلال، حيث صدر ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالقانون التجاري، حيث قام بتنظيم كلا من الكمبيالة والسند لأمر، أما الشيك فلقد نظمه قانون الإلتزامات والعقود ولاحقا تم تنظيمه بظهير 25 ماي 1927.

أما دوليا فلقد انعقد مؤتمر جنيف لتوحيد قواعد الكمبيالة والسند لأمر سنة 1930، كما انعقد مؤتمر دولي سنة 1931 لتوحيد قواعد الشيك وذلك كله لتفادي إشكاليات تنازع القوانين ولقد أثرت هذه الإتفاقيات الدولية على المشرع المغربي مما جعله يصدر ظهيرين شريفين بتاريخ 19 يناير 1939 أحدهما عدل القانون التجاري فيما يخص الكمبيالة والسند لأمر والآخر نظم بشكل مستقل أحكام الشيك.

وبعد صدور مدونة التجارة سنة 1996 ألغت جميع القوانين السابقة وقامت بتنظيم الأوراق التجارية في الكتاب الثالث وذلك في المواد من 159 إلى 334 والتي تشمل الكمبيالة والسند لأمر والشيك وقامت بتخصيص القسم الأخير من هذا الكتاب لوسائل أداء أخرى دون الإشارة إلى هذه الوسائل مستعملة عبارة عامة صالحة للحاضر والمستقبل، تشمل وسائل الأداء المعروفة وتلك التي ستظهر مستقبلا نتيجة التكنولوجيا والعلم، حيث نصت المادة 329 من مدونة التجارة" تعتبر وسيلة أداء كل وسيلة تمكن كل شخص من تحويل أموال كيفما كانت الطريقة أو الخطة التقنية المستعملة لذلك".

والأوراق التجارية منها ما يلعب دور الوفاء والإئتمان معا وهما الكمبيالة والسند لأمر أما الشيك فيلعب دور الوفاء فقط.

ولقد قام المشرع المغربي بمنع تغيير وظيفة الشيك الأساسية من الوفاء إلى الإئتمان وذلك بتجريمه لشيك الضمان في المادة 317 من مدونة التجارة ومع التطور التكنولوجي ظهرت وسائل أخرى للوفاء وهي ما يسمى وسائل الوفاء الإلكتروني ومنها البطاقة البنكية والتحويل.

الفقرة الأولى: التطور التاريخي للأوراق التجارية:

أولا: النشأة الأوروبية:

1-الأعراف التجارية:

الأوراق التجارية لم تنشأ من فراغ، بل هي نتاج طبيعي لتطور الممارسات التجارية. ولقد قام التجار، في سعيهم لتسهيل معاملاتهم، بإبتكار أدوات مالية بسيطة لتسوية الديون وتأجيل الدفع.

وتعتبر هذه الأعراف بمثابة قوانين غير مكتوبة، تحكمها الثقة المتبادلة بين التجار.

2-التقنين في القرن السابع عشر:

مع توسع التجارة في أوروبا، أصبحت الحاجة ملحة لتقنين هذه الأعراف، وتنظيمها في قوانين مكتوبة، وهذا التقنين ساهم في إضفاء المزيد من الثقة والأمان على المعاملات التجارية، وشجع على نمو التجارة.

ثانيا:الأوراق التجارية في المغرب:

1-ظهير 1913 كان أول تقنين:

خلال فترة الإحتلال الفرنسي للمغرب شهدت صدور أول قانون ينظم الأوراق التجارية، وهو ظهير 12 غشت 1913.
وهذا الظهير كان متأثرا بالتشريعات الفرنسية، ويعكس النظام القانوني الذي كان سائدا في ذلك الوقت.

2-مدونة التجارة 1996:

يعتبر صدور مدونة التجارة سنة 1996 نقطة تحول هامة في تنظيم الأوراق التجارية في المغرب.
ولقد تم تخصيص الكتاب الثالث من المدونة لتنظيم الأوراق التجارية، وتضمن قواعد عصرية تتناسب مع متطلبات التجارة الحديثة.

3-التأثير الدولي:

الإتفاقيات الدولية، خاصة مؤتمر جنيف، كان لها تأثير كبير على التشريع المغربي المتعلق بالأوراق التجارية.
ولقد سعى المغرب  لمواءمة تشريعاته مع المعايير الدولية، لتعزيز الثقة في نظامه القانوني، وتسهيل التجارة مع الدول الأخرى.

الفقرة الثانية: تعريف الأوراق التجارية:

لم تقم مدونة التجارة المغربية بوضع تعريف للأوراق التجارية، ونفس الشيء بالنسبة لأغلب التشريعات الأجنبية ماعدا القانون العراقي لسنة 1984 الذي عرفها بقوله"محرر شكلي بصيغة معينة يتعهد بمقتضاه شخص أو يأمر شخص آخر بأداء مبلغ محدد من النقود في زمان ومكان معينين ويكون قابلا للتداول بالتظهير أو المناولة ".

وعرفها بعض الفقه بأنها أوراق قابلة للتداول تمثل حقا نقديا وتستحق الدفع بمجرد الإطلاع أو بعد أجل قصير وقال آخرون بأنها سندات تمثل نقودا تدفع في مكان معين وفي ميعاد معين، وتقوم مقام النقود في الوفاء بسبب سهولة تداولها وترجع تسميتها بالأوراق التجارية إلى كونها نشأت بين التجار ولكنها بعد ذلك بين غير التجار.

كما يقصد بالأوراق التجارية صكوك قابلة للتداول تمثل حقا نقديا مستحق الدفع في وقت محدد.

وتستخدم هذه الأوراق في المعاملات التجارية لتسهيل عمليات الدفع والتحصيل، وتعتبر أداة ائتمان قصيرة الأجل.

وتحكم الأوراق التجارية مجموعة من القواعد التي تنظم الحقوق والواجبات الناشئة عنها وهو ما يصطلح عليه بالقانون الصرفي أو الإلتزام الصرفي وهذا لا يعني أن هذا الأخير مستقل بذاته من ناحية التقنين وإنما اعتبر كذلك بالنظر لقواعده القانونية التي تتميز عن القواعد التجارية والمدنية.

ومما يميز القانون الصرفي نذكر مبدأ الكفاية الذاتية، استقلال التوقيعات، التظهير يطهر الورقة من الدفوع، التجريد وغيرها والهدف من هذه القواعد إرساء الثقة في نفسية المتعاملين بالورقة التجارية كأداة وفاء وائتمان وأيضا تحقيق سرعة  التداول بها.

الفقرة الثالثة: دور وأهمية الأوراق التجارية:

أولا: دور الأوراق التجارية:

يتجلى دور الأوراق التجارية فيما يلي:

1-الأوراق التجارية، مثل الشيكات والسندات الإذنية، تلعب دورا حيويا في تسهيل المعاملات التجارية، وتوفير السيولة اللازمة للشركات والأفراد.

2-التطور التاريخي للأوراق التجارية في المغرب يعكس التطورات الإقتصادية والإجتماعية التي شهدها البلاد.

3-اليوم، الأوراق التجارية لا تزال أداة أساسية في التجارة المغربية، وتخضع لتنظيم قانوني دقيق.

4-الكمبيالة والسند لأمر يلعبان دور الوفاء والائتمان.

5-الشيك يلعب دور الوفاء فقط، وقد منع المشرع المغربي تحويله إلى أداة ائتمان.

6-مع التطور التكنولوجي، ظهرت وسائل وفاء إلكترونية مثل البطاقات البنكية والتحويلات.

ثانيا: أهمية الأوراق التجارية:

تتجلى أهمية الأوراق التجارية فيما يلي:

1-تسهيل المعاملات التجارية:

تعمل الأوراق التجارية على تبسيط وتسريع عمليات الدفع والتحصيل، مما يساهم في تنشيط الحركة التجارية.

2-أداة ائتمان:

توفر الأوراق التجارية أداة ائتمان قصيرة الأجل، حيث يمكن استخدامها لتأجيل الدفع أو الحصول على سيولة نقدية قبل موعد الإستحقاق.

3-تداول الأموال:

تساهم الأوراق التجارية في تداول الأموال بين الأفراد والشركات، مما يعزز السيولة في الأسواق.

4-إثبات الحقوق:

تعتبر الأوراق التجارية دليلا قانونيا على وجود دين مستحق الدفع، مما يحمي حقوق الأطراف المعنية.

الفقرة الرابعة: خصائص الأوراق التجارية:

خصائص الأوراق التجارية يمكن إجمالها فيما يلي:

أولا:سندات شكلية: 

والمقصود هنا أن الأوراق التجارية عبارة عن سندات مكتوبة تحرر وفق مجموعة من البيانات الإلزامية منصوص عليها في القانون، مثل البيانات الإلزامية والتوقيعات الصحيحة وعند نقصان إحداها يبطل السند كورقة تجارية.

ولكل ورقة تجارية شكل خاص بها والقانون هو من يحدده  وينتج عن ذلك عدم جواز إقامة الدليل بخصوصها باليمين أو شهادة الشهود بل من الواجب تحريرها وفق ما حدده القانون حتى تكتسب صفة ورقة تجارية خاضعة لأحكام القانون.

وتهدف هذه الخاصية إلى ضمان صحة الأوراق التجارية وحماية حقوق الأطراف.

ثانيا:سندات قابلة للتداول:

والمقصود هنا أن تداول الورقة التجارية يتم بين التجار أو غيرهم فيتم انتقالها بالتظهير أي بمجرد الكتابة على ظهر الورقة التجارية إذا كانت للأمر أو بالمناولة اليدوية وهذا يجعل تداولها سريعا وبسيطا كالنقود مما يجعلها أداة مرنة في المعاملات التجارية.

ويسهل هذا التداول انتقال الحقوق والإلتزامات بين الأطراف.

ثالثا:سندات تقوم مقام النقود:

ولكن يشترط أن تحرر بمبلغ من النقود وهذا يجعل سندات إيداع البضائع في المخازن وسندات الشحن الجوي أو البحري أو البري وكذلك بطاقة الرهن خارجة من عداد الأوراق التجارية لأنها تمثل بضاعة.

وتمثل الأوراق التجارية قيمة نقدية قابلة للدفع، مما يجعلها بديلا عن النقود في بعض المعاملات.

رابعا:سندات مستحقة الدفع:

بمعنى أنها تمثل دينا مستحق الدفع بمجرد الإضطلاع عليها في الحين أو بعد فترة معينة حسب نوع الورقة التجارية وبذلك يخرج من عداد الأوراق التجارية الأسهم وسندات الشركات رغم أنها تمثل مبلغا من النقود لكونها تمتد لسنوات وتكون عرضة لتقلبات الأسعار.

الأوراق التجارية تتضمن تاريخ استحقاق محددا للدفع، مما يضمن حصول الدائن على حقه في الوقت المناسب.

خامسا:إستقلال التوقيعات:

والمقصود هنا أن كل من قام بالتوقيع على الورقة التجارية يلتزم إلتزاما صرفيا مستقلا عن الموقعين الآخرين الملتزمين أيضا إلتزاما صرفيا ويترتب عن هذا أن بطلان إلتزام أحد الموقعين كإنعدام الأهلية لا يؤثر على صحة إلتزام الموقعين الآخرين.

وفيما يلي بعض الأمثلة على الأوراق التجارية:

-الكمبيالة.
-الشيك.
-السند الإذني أو السند لأمر.

الفقرة الخامسة: أنواع الأوراق التجارية:

أولا: الكمبيالة:

1-تعريف الكمبيالة:

تعتبر الكمبيالة من الأعمال التجارية الأصلية الشكلية المنفردة، بغض النظر عن صفة الشخص الذي يقوم بها سواء كان تاجرا أو غير تاجر، وبغض النظر كذلك عن طبيعة العمل الذي من اجله تم تحريرها، كما تعد كافة الأعمال المرتبطة بها من تظهير وقبول وضمان ووفاء من الأعمال التجارية، وهو ما نصت عليه المادة 9 من مدونة التجارة.

ولقد اختلف الفقهاء حول تاريخ ظهور هذه الورقة التجارية ، وذلك راجع إلى قدمها فلقد عرفها العرب والفرس والرومان والبابليون والصينيون وغيرهم من الأمم والشعوب ولكن تسميتها كمبيالة بهذا الشكل مأخوذ من الإيطالية (cambaile) أي وسيلة لصرف النقود (Cambio) باعتبارها كانت تشكل أداة وفاء فقد كانت تقوم مقام النقود قبل أن تتحول للإئتمان.

لم يقم المشرع المغربي بوضع تعريف للكمبيالة، إلا أنه بالإستناد إلى خصائصها يمكن تعريفها بأنها:

ورقة تجارية تحرر وفق بيانات حددها القانون تتضمن أمرا صادرا من شخص يسمى الساحب إلى شخص آخر يسمى المسحوب عليه بأن يدفع مبلغا معينا من النقود بمجرد الإطلاع، أو في تاريخ معين أو قابل للتعيين إلى شخص ثالث يدعى المستفيد.

ويتبين من هذا التعريف أن الأطراف الرئيسية في الكمبيالة هم الساحب والمسحوب عليه والمستفيد.

إلا أنه قد يتدخل أشخاص آخرون إما كمظهرين أو كضامنين احتياطيين أو قابلين بالتدخل وكل شخص وقع على الكمبيالة يلتزم مع كافة الموقعين الآخرين بضمان أداء مبلغها وبصفة تضامنية لآخر حامل لها.

فالالتزام الصرفي أي الالتزام بالكمبيالة ينشأ بمجرد التوقيع عليها، والمسؤولية هي مسؤولية تضامنية في أداء مبلغها.

وهكذا فإن الغرض من وراء سحب الكمبيالة هو تسوية حسابين:

الأول: افتراض كون الساحب مدين للمستفيد.

الثاني: افتراض كون الساحب دائن للمسحوب عليه.

وباعتبار أن الساحب دائن للمسحوب عليه ومدين في نفس الوقت للمستفيد فإنه يقوم بعملية حوالة، وهكذا فإنه يصدر أمره إلى المسحوب عليه باعتباره مدين له بأداء المبلغ إلى المستفيد باعتبار أن المستفيد هو دائن لهذا الساحب.

2-العلاقات التي تنشأ بسبب الكمبيالة:

وانطلاقا من كل ما سبق فإن الكمبيالة تنشأ عنها ثلاث علاقات رئيسية وهي:

أ-العلاقة بين الساحب والمسحوب عليه:

هي علاقة دائنية يكون فيها الساحب دائنا والمسحوب عليه مدينا فالساحب يوقع الكمبيالة عند إنشائها وبالتالي يصبح ملتزما بدفع المبلغ عند امتناع المسحوب عليه عن  الأداء لأن هذا الأخير يكون حرا في أن يقبل الكمبيالة أو يرفضها عند تقديمها له.

ب-العلاقة بين الساحب والمستفيد:

فالأول يكون مدينا للثاني ويلجأ إلى مدينه (المسحوب عليه) لكي يفي بدينه للمستفيد في تاريخ الاستحقاق، وعند امتناع المسحوب عليه، فإن المستفيد يطالب الساحب او باقي الموقعين على الورقة باعتبارهم ضامنين للمبلغ المذكور فيها، كما يمكن للمستفيد أن يتنازل عن الكمبيالة لغيره عن طريق التظهير.

ت-العلاقة بين المستفيد والمسحوب عليه:

هذه العلاقة لا تنشأ نتيجة تحرير الكمبيالة لأنه لا صلة بينهما سواء قبل تحريرها أو بعده فلا يلتزم المسحوب عليه تجاه المستفيد لمجرد كمبيالة قام الساحب بتحريرها، وإنما تنشأ هذه العلاقة عندما يوقع المسحوب عليه بقبول الورقة.

فبموجب هذا التوقيع، يكون المسحوب عليه قد إلتزم إلتزاما صرفيا تجاه المستفيد، وبالتالي يجب عليه ان يؤدي المبلغ المعين في الكمبيالة.

3-وظائف الكمبيالة:

وظائف الكمبيالة ارتبطت بالمراحل التي عرفها تاريخ الإقتصاد السياسي والحركة التجارية، فكانت في أول أمرها أداة للصرف، أي أداة لنقل النقود وتحويلها، ثم أصبحت في مرحلة ثانية أداة للوفاء بالديون، وفي مرحلة ثالثة أداة للإئتمان وفيما يلي الوظائف الرئيسية للكمبيالة:

أ-الكمبيالة أداة للصرف أو تحويل النقود ونقلها:

إن الدور التقليدي للكمبيالة يتمثل في كونها وسيلة لتفادي خطر نقل النقود، فقد كانت التجارة محفوفة بالمخاطر بحيث كان التجار تعترضهم مخاطر كثيرة أثناء رحلاتهم، وذلك لما قد يتعرضون له من سرقة أو ضياع، فكان التاجر يُفضل حمل كمبيالة بيده على حمل مبالغ كبيرة من النقود، حيث يتقدم التاجر إلى أحد البنوك (الصيرفي) ببلده، ويسلمه عددا من النقود فيسلمه الصيرفي في مقابلها رسالة الصرف إلى صيرفي آخر يوجد بالبلد الذي ينوي التاجر التوجه إليه، يأمره فيها بأن يؤدي للتاجر عند وصوله أمامه مبلغا معينا من نقود ذلك البلد، وكان الصيرفي القائم بهذه العملية يتقاضى مقابلا ماليا يمثل ما قدمه من خدمات لذلك التاجر.

وما يميز الكمبيالة في ذلك الوقت أنها كانت اسمية بحيث لا يستطيع سارقها صرفها وهذا يعنى انها كانت غير قابلة للتداول لأن عملية التظهير لم تكتشف بعد.

ورغم أن الكمبيالة لازالت تؤدي هذه الوظيفة الحيوية في الوقت الراهن كأداة للصرف إلا أن هذه الوظيفة قد انحصرت على الصعيد الدولي، أما داخل الدولة الواحدة فقد تراجعت وظيفة الكمبيالة بشكل كبير لأن نقل الأموال نقدا أصبح ممكنا في هذا العصر بدون مخاطر السرقة والضياع بالمقارنة مع العصور الوسطى، حيث ظهرت شركات متخصصة في نقل الأموال والودائع في شاحنات مصفحة.

ب-الكمبيالة أداة وفاء:

أي أنها تحل محل النقود كوسيط في المعاملات، ولكن ليست نقودا أو أوراقا بنكية، وهذ الوظيفة برزت في بداية القرن السابع عشر بعد اكتشاف تضمين الكمبيالة "بيان لأمر" حيث أصبحت قابلة للتداول عن طريق التظهير فحلت محل النقود في الوفاء بالديون التجارية عن طريق سلسلة من التظهيرات.

ومثال ذلك، أن يسحب صاحب المصنع كمبيالة بمبلغ 5 آلاف درهم على مدينه تاجر الجملة لفائدة دائنه المورد، وهذا المورد يمكنه أن يظهرها (ينقلها) لسداد دين عليه لفائدة دائن له.

ت-الكمبيالة أداة ائتمان:

الإئتمان هو التنازل الحاضر من أجل مال المستقبل، فالإئتمان هو منح الثقة.

ويقصد بالكمبيالة أداة للإئتمان، أي استعمالها كوسيلة لتأخير الوفاء إلى أجل معين أو قابل للتعيين، يكون عادة قصيرا، أي أن العملية أضحت تشكل نوعا من القروض القصيرة الأجل يحل الأفراد فيها محل البنوك في كثير من الأحيان.

فمثلا، قد يبيع تاجر الجملة سلعا لتاجر التقسيط بمبلغ معين، ويشترط عليه هذا الأخير أن لا يكون الوفاء حالا، أي يطلب منه أجلا معينا للوفاء 5 أشهر مثلا فإن قبل تاجر الجملة يكون بهذا القبول قد وافق على منح تاجر التقسيط ائتمانا، وقد يكون تاجر الجملة في حاجة ماسة بدوره إلى النقود فيطلب من المورد منحه أجلا للوفاء يساوي الأجل الذي منحه لتاجر التقسيط أي 5 أشهر وهكذا يقوم تاجر الجملة بسحب كمبيالة على مدينه تاجر التقسيط (المسحوب عليه) بنفس المبلغ لفائدة المورد (المستفيد) واجبة الاستحقاق بعد 5 أشهر من تاريخ التحرير.

كما يمكن للمورد بدوره أن يقوم بنقل الحق الثابت في الكمبيالة عن طريق التظهير إلى شخص آخر المظهر إليه، وهكذا تنتقل الكمبيالة من يد إلى آخر إلى أن ينتهي أجل الائتمان أي 5 أشهر، أي حلول تاريخ الاستحقاق، حيث يتقدم الحامل الأخير للكمبيالة إلى تاجر التقسيط باعتباره المسحوب عليه لطلب المبلغ المستحق في الكمبيالة.

وقد يلجأ المورد (المستفيد) إلى طريق الخصم، أي أن يقوم بتظهير الكمبيالة إلى بنك يتعامل معه مقابل الحصول على المبلغ النقدي الثابت في الكمبيالة حالا مع خصم النسبة المئوية من هذا المبلغ التي تمثل عمولة الخصم المستحقة عن دفع هذا المبلغ قبل تاريخ الاستحقاق، ويمكن لهذا البنك أيضا أن يخصمها لدى بنك آخر إن كان في حاجة إلى النقود خاصة لدى بنك المغرب وهو ما يعرف بإعادة الخصم ويعتبر بنك المغرب الجهة الوحيدة التي تقوم بعملية إعادة الخصم.

ويتضح مما سبق أن الكمبيالة أصبحت أداة إئتمان في الوقت الحالي وليس وسيلة لنقل الأموال كما أنها لم تعد وسيلة للأداء إلا في حالات خاصة بالتسوية على الصعيد الدولي لأن الشيك والتحويل البنكي وبطاقات الأداء والقيد في الحساب حلوا محلها نظرا لسهولة استعمالها من الناحية العملية ولقلة تكلفتهم من الناحية الاقتصادية بالإضافة إلى الحماية التي يتمتع بها الزبناء عند قيامهم بهذه العمليات.

-----------------------------

الفهرس:

مقدمة:

الفقرة الأولى: التطور التاريخي للأوراق التجارية:

 أولا: النشأة الأوروبية:
  1-الأعراف التجارية:
  2-التقنين في القرن السابع عشر:
 ثانيا:الأوراق التجارية في المغرب:
  1-ظهير 1913 كان أول تقنين:
  2-مدونة التجارة 1996:
  3-التأثير الدولي:

الفقرة الثانية: تعريف الأوراق التجارية:

الفقرة الثالثة: دور وأهمية الأوراق التجارية:

 أولا: دور الأوراق التجارية:
 ثانيا: أهمية الأوراق التجارية:
  1-تسهيل المعاملات التجارية:
  2-أداة ائتمان:
  3-تداول الأموال:
  4-إثبات الحقوق:

الفقرة الرابعة: خصائص الأوراق التجارية:

 أولا:سندات شكلية: 
 ثانيا:سندات قابلة للتداول:
 ثالثا:سندات تقوم مقام النقود:
 رابعا:سندات مستحقة الدفع:
 خامسا:إستقلال التوقيعات:

الفقرة الخامسة: أنواع الأوراق التجارية:

 أولا: الكمبيالة:
  1-تعريف الكمبيالة:
  2-العلاقات التي تنشأ بسبب الكمبيالة:
  3-وظائف الكمبيالة:
   أ-الكمبيالة أداة للصرف أو تحويل النقود ونقلها:
   ب-الكمبيالة أداة وفاء:
   ت-الكمبيالة أداة ائتمان:

لتحميل الموضوع المرجوا الضغط هنا رابط البتحميل .