ملخص الإقتصاد والتدبير


لائحة المراجع المعتمدة في هذا الملخص:

-المبادئ الأساسية في الإقتصاد السياسي للأستاذ أحمد زكري.
-محاضرات في المدخل للعلوم الإقتصادية والتدبير للأستاذ خالد الحمدوني.
-الوسيط في الإقتصاد السياسي الإسلامي والعصري ونظام الشركات الإسلامية والعصرية للأستاذ أحمد لسان الحق.
-محاضرات الإقتصاد السياسي للأستاذ بوطبالة معمر.
-المشكلة الإقتصادية وحقيقة النذرة النسبية وإشكالية التوفيق بين  الحاجات المتشعبة والموارد المحدودة للأستاذة شوقي دنيا.

المطلب الأول: تعريف الإقتصاد وأهميته وعلاقته بالعلوم الأخرى:

الفقرة الأولى: تعريف الإقتصاد:

يعتبرالإقتصاد من العلوم التي لا يقوم المجتمع بدونها، كما أنه هو الآخر لا يقوم إلا على عدة اعتبارات اجتماعية، فمن الطبيعي أن يكون من العلوم الإجتماعية، وهو علم مرتبط بالمجتمع وبأفراده من حيث الإنتاج والإستهلاك وتبادل البضائع  وتوزيع العمل وتقسيم نتائجه.

وما دامت الروابط الإجتماعية في حالة تشابك وتداخل واحتكاك، فلابد أن تتكون علاقات بين مختلف العلوم الإجتماعية ولهذا فعلم الإقتصاد له علاقة وثيقة بالتاريخ والقانون والأخلاق والسياسة.

والإقتصاد هي كلمة متداولة لدى الخاص والعام، وهي تستعمل تصبح في الأوساط الشعبية، وذلك راجع إلى ارتباطها بواقع حيوي فرض نفسه على حياة الأفراد والأسر والدول والمجتمعات.

وكلمة  اقتصاد مشتقة من كلمتين إغريقيتين وهما: Oikos وتعني المنزل وNomos ويقصد بها  قانون ويعبر مجموع الكلمتين Nomos-Oikos عن علم "مبادئ تدبير شؤون المنزل" لمصلحة الأسرة، ويعتبر أرسطو أول من استعمل مصطلح "الإقتصاد" وذلك للتعبير عن علم قوانين الإقتصاد المنزلي أو الإقتصاد الخاص.

وتستعمل  هذه الكلمة اليوم للتعبير على ثلاثة معاني:

أولا: الإقتصاد كفعل أو ممارسة:

يقال في حياتنا اليومية اقتصد فلان في النفقة بمعنى لم يبالغ ولم يقتر واقتصد فلان في الأمر أو الفعل أو القول بمعنى اعتدل وتوسط بين الإفراط والتفريط.

وقد شاع استعمال كلمة "الإقتصاد"  بالمال  والثروة منذ القديم في التصرف إذن فالإقتصاد سلوك قديم وذلك عندما بدأ الإنسان يبحث عن الخيرات لتلبية حاجات الضرورية.

ثانيا: الإقتصاد كثروة وإنتاج:

تطلق هذه الكلمة أيضا على معنى معاصر؛ هو مجموعة الثروة التي يتصرف فيها المجتمع؛ أي مجموع المشاريع الإنتاجية والأعمال المتصلة بتوزيع الثروة وتداولها واستهلاكها.

ثالثا: الإقتصاد كفكر أو علم:

بمعنى المعرفة التي اكتسبها الناس من خلال ممارسة الأعمال أو الشؤون  الإقتصادية وهي مجموعة من النظريات التي تدرس قوانين التصرف الإقتصادي والعلاقات الإقتصادية. 

الفقرة الثانية: علاقة الإقتصاد بالعلوم الأخرى:

أولا: علاقة علم الإقتصاد بالتاريخ:

لا شك أن الباحث الإقتصادي مطالب بدراسة التاريخ الذي يبين له تعاقب النظم الإقتصادية منذ أقدم العصور حتى الآن.

ودراسة النظم الإقتصادية دراسة تاريخية أصبحت من الأمور الضرورية للباحث الإقتصادي لأنها تبين له كيف تطورت الحياة الإقتصادية فتساعده على فهم الحاضر واستشراف المستقبل، فبالتاريخ نعرف كيف أن نظاما اقتصاديا معينا قد نشأ وتطور واندثر، وكذلك العوامل التي ساهمت في نموه وتطوره أو اندثاره. 

ثانيا: علاقة علم الإقتصاد بالقانون:

يعرف القانون بأنه مجموعة من القواعد التي تنظم العلاقات بين أفراد المجتمع، أو بين أفراد المجتمع والسلطة العامة، أو بين الأجهزة المختلفة للسلطة العامة داخل الدولة، أو بين الدول بعضها ببعض.

فهناك قوانين ذات صلة وثيقة بالحياة الإقتصادية ولاسيما القانون التجاري والقانون المالي وكذلك القانون الضريبي وقوانين الإستثمار، وبهذا كانت العلاقة وثيقة بين الدراسات القانونية والدراسات الإقتصادية.

فالنشاط الإقتصادي يجب أن يمارس في نطاق القواعد والنظم القانونية ولا يستطيع الأفراد الخروج عن هذا النطاق دون أن يتحملوا المسؤولية ومن زاوية أخرى يلاحظ أن المشرع عندما يضع القواعد القانونية فمن الضروري أن يراعي الظروف الإقتصادية السائدة أو التي تسود خلال فترة تطبيق هذه القواعد القانونية، وإلا جاءت تلك القواعد فارغة من محتواها ويصعب تفسيرها وفهمها وتطبيقها من طرف القاضي.

ثالثا: علاقة علم الإقتصاد بعلم السياسة:

قام بعض الباحثين بالربط بين لفظي الإقتصاد والسياسة، لما لاحظوه من أواصر الإرتباط بين هذين المصطلحين، إلا أنه لم يتم الإتفاق على تاريخ هذا الارتباط، حيث يرى بعض المفكرين أن أول من استعمل مصطلح "الإقتصاد السياسي" هو الكاتب جوج بودان في القرن السادس عشر.

في حين يقول مفكرون اخرون أن تاريخ الارتباط يعود إلى أوائل القرن السابع عشر، يوم أصدر الكتاب الفرنسي أنطوان دو مونكرتيان سنة 1615 كتابه "بحث الاقتصاد السياسي" وكان يريد توضيح الطريقة التي يجب أن تتبعها الدولة للزيادة من ثروتها من أجل إغناء نفسها وبهذا المعنى، فهو ما يعرف بالسياسة الاقتصادية وليس معنى علم الاقتصاد، ورغم ذلك، فإن المؤلفين يتناقلون هذا التعبير ويطلقونه على المعرفة الاقتصادية.

ولقد انتشر هذا التعبير  في مجموعة من البلدان كبريطانيا وروسيا، وعندما نشر الكاتب البريطاني ألفريد مارشال كتابه "مبادىء علم الاقتصاد" سنة 1890 اصبح تعبيرعلم الاقتصاد يلقي تأييدا متزايدا في البلدان التي تتحدث باللغة الإنجليزية وأدى هذا الى ازاحة مصطلح الاقتصاد السياسي من الاستعمال، ويرجع سبب هذا التحول والميول إلى رغبة المهتمين بالاقتصاد في تدقيق موضوع "علم الاقصاد" وجعله مشابها، من حيث الدقة بالعلوم التجريبية البحثة كالفزياء والكمياء.

وتجدر الاشارة إلى أن ارتباط الاقتصاد بالسياسة لا يتم في كل الظروف، خاصة كلمة الاقتصاد كواقع أوسع دائرة وأكثر انطلاقا وتحررا من أن تتقيد بالارتباط بالسياسة، وإلا فالإنسان البدائي قد عرف طريقه إلى الاقتصاد بالوسائل الموجودة بين يديه قبل أن يعرف ما نسميه بالسياسة.

ومن هنا يتضح أن عبارة الاقتصاد السياسي، تعني أن يكون التوجيه الاقتصادي تابعا لسياسة دولة معينة وظروفها، بحيث يكون تطابق بين الواقع السياسي والواقع الاقتصادي.

فالإقتصاد في مفهومه الواسع على مستوى الحياة والفطرة ينطلق ابتداءا من الواقع المحسوس قبل أن يعرف طريقه إلى الفكر المنظم فالفرد يقتصد والأسرة تقتصد والدولة تقتصد، والجميع يعمل وينتج ويحاول أن يوازن بين الدخل والمصروف.

وبهذا نلاحظ أن الممارسة هي أول عمل قام به الإنسان داخل المجتمع دون أن ينظر إليها من زاوية عملية، وبعد مرحلة الممارسة، جاءت مرحلة الفن، كمرحلة متقدمة عن الممارسة، تم جاءت مرحلة العلم وتربط علم الإقتصاد بعلم السياسة علاقة وثيقة، فعلم السياسة يهتم بشؤون المجتمع عن طريق عنايته بالتنظيمات ومبادئ الحكم وشكل دستور الدولة، كما أنه يدرس الطريقة التي يمكن بموجبها وضع القرارات فيما يتعلق بالأهداف السياسية للجماعة، وعلم الإقتصاد يهتم بشؤون المجتمع من زاوية الحاجات وإشباعها.

وانطلاقا من هذا التداخل فإن صانعي القرارات السياسية لا يغفلون الأمور الإقتصادية حينما يتخذون قرارات معينة، وبالتالي نلمس أثر الإقتصاد على السياسة وخصوصا إذا علمنا أن حروبا حدثت بدوافع التوسع الإقتصادي وأن ثورات قامت بدوافع اقتصادية، كما أن الإدارة السياسية في أي بلد تتأثر تأثرا واضحا بالأوضاع الإقتصادية، ولقد أكدت الأحداث على أن للأوضاع الإقتصادية علاقة بالأوضاع السياسية حيث تستقر باستقرارها وتضطرب باضطرابها.

رابعا: علاقة علم الإقتصاد بالأخلاق: 

تعرف الأخلاق بأنها مجموعة من القواعد السلوكية التي تعتبر في زمان ومكان معين ملزمة في نظر الأفراد، بحيث أن انتهاكها يثير سخط الجماعة، لأن هذه القواعد مكونة من الأفكار الخاصة بالخير والعدالة الموجودة في ضمائر الأفراد والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو:هل هناك تعارض بين قواعد علم الأخلاق ومبادئ الإقتصاد؟ وللإجابة عن هذا السؤال، يجب أن نميز بين الإقتصاد النظري والإقتصاد التطبيقي.

فالإقتصاد النظري ليست له علاقة بالأخلاق لأن موضوعه يركز على استنباط القوانين الإقتصادية، كاكتشاف القوانين التي تحكم الإنسان في حالة المنافسة، أو الإحتكار دون النظر إلى الجوانب الأخلاقية.

أما الإقتصاد التطبيقي فإنه يدرس المسائل الإجتماعية المتعلقة بشؤون العمل والعمال، فهو مشبع بالإعتبارات الأخلاقية لأنه قائم على فكرة العدالة الإجتماعية.

الفقرة الثالثة: أهمية علم الاقتصاد:

تتجلى أهمية علم الإقتصاد فيما يلي:

1-يحتل علم الإقتصاد مكانة متميزة بين سائر العلوم الإجتماعية الأخرى، وذلك باعتباره الأساس الحيوي الذي تقوم عليه كافة الأنظمة الإقتصادية، والتي بدورها تؤثر على الظروف الإجتماعية والسياسية والقانونية.

2-تكمن أهمية دراسة علم الإقتصاد في أنه يساعد على فهم العالم من حولنا، وخاصة الأحداث الإقتصادية التي تؤثر بشكل خاص على حياتنا. فكثير من الأحداث الإجتماعية والسياسية تكون مدفوعة بدوافع اقتصادية.

3-يعتبر الإقتصاد المحرك الأساسي لصيرورة المجتمعات، حيث تتحرك السياسات العالمية بشكل عام لتحقيق أهداف اقتصادية.

4-له علاقة وثيقة بحياة الإنسان ويتضح ذلك في العمليات التجارية التي تقوم عليها الحياة، مثل البيع والشراء.

5-يهدف علم الإقتصاد إلى إبراز أدوات التحليل الأساسية التي تساعد في تفسير النشاط الإنساني الإنتاجي والإستهلاكي بطريقة منطقية، مما يجعل عملية المفاضلة بين الحاجات المتعددة والموارد المتاحة (الندرة النسبية) أكثر سلاسة، بهدف الوصول إلى أفضل إشباع ممكن.

المطلب الثاني: تعريف المشكلة الإقتصادية وأسبابها وخصائصها وأنواع الأموال الإقتصادية والقرار الإقتصادي لمواجهة المشكلة الإقتصادية:

الفقرة الأولى: تعريف المشكلة الإقتصادية:

إن المشكلة الإقتصادية تتمثل في العلاقة النسبية بين الموارد الإقتصادية والحاجات الإنسانية، ذلك أن الموارد في الطبيعة لا توجد بالصورة التي تمكننا من استخدامها في إشباع احتياجات الإنسان البيولوجية والإجتماعية بشكل مباشر لأن هذه الموارد نادرة نسبيا، لأنها مادة وهذه الأخيرة محدودة في الطبيعة أما احتياجات الإنسان فهي ذات طبيعة سيكولوجية بمعنى أن متطلبات الإنسان لا يحدها سوى خياله وتصوراته.

ولهذا وجب على الإنسان أن يتدخل بداية بفكره ومعرفته، ثم بعد ذلك بعمله وأدواته، وأخيرا بتعاونه مع الآخرين في تحويل هذه الموارد من الصورة الطبيعية والبدائية إلى صورة قابلة للإشباع بمعنى تحويلها إلى سلع اقتصادية.

يتمثل البعد في تحديد المشكلة الاقتصادية في العجز الأزلي عن إشباع جميع الاحتياجات الإنسانية، وذلك راجع إلى كون هذه الحاجات تتصف بالتنوع والتجدد والتداخل، بالإضافة إلى الندرة النسبية في الموارد الإقتصادية، التي يمكن استغلالها في إشباع الحاجات الإنسانية.

وتجدر الإشارة الى أن الأشياء الموجودة في الطبيعة لإشباع حاجات البشر يمكن تقسيمها إلى قسمين:

أولا: القسم الأول:

قسم أوجده الله بوفرة مطلقة وهذا النوع ضروري للبقاء ودوام الكون، فبغيابه لا تقوم الحياة، كالهواء والضوء الطبيعي ولا يحتاج الفرد في الحصول عليه لدفع أي ثمن أو مزاحمة الغير في الحصول عليه لأنه خلق كافيا لجميع الناس ويصطلح على تسمية هذا النوع من الأشياء "بالسلع الحرة".

ثانيا: القسم الثاني:

قسم لا يحصل الإنسان عليه بسهولة بل لابد من مقابل ليتملكه وذلك لأن هذه الأشياء غير كافية لجميع الناس لتسد جميع احتياجاتهم ويصطلح على هذا النوع من السلع بالسلع الاقتصادية وبالتالي فهي نادرة، والندرة هنا لا تعني الندرة المطلقة ولكنها تعني الندرة النسبية.

إذا فعناصر المشكلة الإقتصادية تتمثل في الحاجات المتعددة التي يشعر بها الإنسان والتي يرغب في عملية إشباعها، والموارد أو الأموال المحدودة النادرة ندرة نسبية.

الفقرة الثانية: أسباب المشكلة الإقتصادية:

من خلال ما سبق ذكره فإن المشكلة الاقتصادية تدور حول عنصرين مرتبطين وهما:

الحاجات المتعددة والمتزايدة التي يرغب الإنسان في إشباعها والموارد أو الأموال المحدودة والنادرة بشكل نسبي.

أولا: تزايد وتعدد الحاجات الإنسانية:

الحاجة هي رغبة الإنسان في الحصول على الأشياء السلع أو الخدمات اللازمة وحاجات الإنسان في حياته لا نهائية أي لا حصر لها بمعنى حاجيات غير محدودة.

فرغبات وحاجات الإنسان متعددة في مجموعها كما ونوعا وتتزايد باستمرار فكلما قام الفرد بإشباع حاجة معينة تظهر له حاجة أخرى جديدة يسعى لإشباعها فحاجات الإنسان متعددة حسب أهميتها حيث منها ما هو ضروري لحياته كالطعام والشراب ومنها ما هو ضروري لسير حياته وراحته كالتعليم والمواصلات وتتعدد بحسب طبيعة البيئة فحاجات مجتمعات المناطق الباردة تختلف عن حاجات المناطق الحارة وأيضا تختلف حسب المرحلة العمرية كما تختلف من عصر لآخر فما هو من الكماليات في عصر قد يصبح من الضروريات في عصر آخر.

وعموما يمكن تقسيم حاجيات الإنسان على النحو التالي: 

أ-الحاجيات المادية (كالمواد الغذائية والسكن).

ب-الحاجيات المعنوية (كحاجة الإنسان للثقافة والرحلات والاسفار).

ج-الحاجيات الفيزيولوجية (كحاجة الإنسان إلى النوم والراحة).

ومن أهم العوامل التي تؤثر بشكل كبيرعلى كمية ونوعية حاجيات الإنسان ما يلي: 

-الزيادة السكانية ،المستوى الإقتصادي ،المحيط الجغرافي والإجتماعي ،المستوى الثقافي ،التقدم التكنولوجي والحضاري والعقائد والفلسفات السائدة. 

ثانيا: خصائص الحاجات الإنسانية:  

1- الحاجات الإنسانية قابلة للإحلال(الحاجة تحل محل حاجة أخرى):

يمكن أن تحل حاجة إنسانية محل أخرى، وتتوقف قابلية الإحلال على مقدار التقارب بين الحاجتين وعلى وسيلة الإشباع وظاهرة الإحلال هذه لها أهمية كبرى في حل المشكلة الإقتصادية وأيضا في صياغة بعض القواعد الإقتصادية كما هو الحال في نظرية الثمن، إذ أن التمكن من الإحلال (أي قيام بديل لسلعة معينة) يمنح للمشتري فرصة التحول من سلعة إلى أخرى وهو أمر يجب أن يدخله المنتج في حسابه عند تحديد الثمن، لأن التحول من سلعة لأخرى يؤثر في تمكن سلعة معينة، ذلك أن الإحلال يلعب دور في الحد من قدرة المنتج على زيادة الثمن.

2-الحاجات الإنسانية قابلة للإلشباع:

بمعنى أن هناك قدرا محددا من الموارد يكفي لإشباعها، ويقلل من حدة الشعور بالحاجة كلما تلقت قدرا من الإشباع، أي أن نسبة الإشباع كلما زادت  تناقص الشعور بالحرمان والألم كالشعور بالجوع أو العطش فكلاهما يعطي الشعور بالحرمان والألم ومن ثم فإن تناول كميات متتالية من الطعام أو الشراب يؤدي إلى زوال الشعور بالجوع أو العطش تدريجيا، وهذا ما يعبر عنه في علم الإقتصاد (بقانون تناقص المنفعة الحدية) مما يجعل الحاجة قابلة للإنقسام والتجزؤ.

فالفرد قد يقوم بإشباع قدر معين من الحاجة ويبقى قدر آخر دون إشباع لكون الإنسان محدود القدرة في دائرة الإشباع أي يمكن للإنسان حسب إمكانياته أن يشبع حاجاته إشباعا جزئيا فمثلا حاجة الإنسان للمسكن تختفي حدتها قليلا لو وجد منزلا صغيرا وإن لم يشبع كل حاجته في شراء منزل كبير.

3-الحاجة عبارة عن ظاهرة اجتماعية:

تختلف الحاجة من شخص لآخر ومن مجتمع لآخر بحسب الدين والعادات والتقاليد ومستوى التقدم الحضاري، فالحاجة إلى الأكل مثلا هي حاجة طبيعية لكل إنسان لكن تختلف طبيعة ونوع الأطعمة حسب الأوضاع الإجتماعية.

وهكذا فخاصية تعدد الحاجات وتزايدها واستمرارها تعد السبب في وجود المشكلة الإقتصادية في جميع المجتمعات البشرية على اختلاف أنظمتها الإقتصادية. 

الفقرة الثالثة: خصائص المشكلة الإقتصادية: 

تتميز المشكلة الإقتصادية بعدة خصائص نذكر منها ما يلي: 

أولا: الندرة:

تعتبر الندرة من أهم خصائص المشكلة الإقتصادية، فلو أن الموارد الإقتصادية متوفرة بكميات كبيرة وكافية لإشباع الرغبات البشرية المختلفة لما نشأت أصلا أي مشكلة اقتصادية، فالهواء على سبيل المثال رغم أهميته الحيوية للإنسان، فالحصول عليه لا يشكل  أي مشكلة اقتصادية نظرا لكفايته لرغبات البشر،لأنه من السلع الحرة وليس من السلع الإقتصادية.

والندرة في علم الإقتصاد تعني (نسبي) أي هي العلاقة بين الرغبات الإنسانية والموارد الإقتصادية اللازمة لإشباعها، والموارد الإقتصادية المتاحة للمجتمع محدودة وهي إما موارد طبيعية (كالأرض) أو مادية (رأسمال) أو بشرية (العمل).

وكلمة الأرض تستخدم للدلالة على الموارد الطبيعية وما بها من الثروات البترولية والمعدنية.

أما كلمة رأسمال فتشير إلى كل ما هو من صنع الإنسان ويساعده في إنتاج السلع والخدمات النهائية كالمباني والآلات.

وأخيرا العمل ويعني كل أنواع المجهود البشري الذهني والبدني.

والمشكلة الإقتصادية توجد إذن حين تكون الوسائل نادرة بالنسبة للغايات، وتبعا لهذه النزعة فإن الندرة النسبية تعتبر أساس الإقتصاد وعلى ذلك يكون الإقتصاد هو علم الملائمة بين الوسائل النادرة والغايات المتعددة والمتزايدة.

ثانيا: الإختيار:

بما أن الموارد الإقتصادية للفرد والمجتمع محدودة، والرغبات متعددة ومتجددة باستمرار، ولا تستطيع هذه الموارد الوفاء بإشباع كافة الرغبات، فإنه يتعين على الفرد أن يختار أيا من رغباته يقوم بإشباعها ويتخلى عن إشباع رغبة أخرى مؤقتا إلى وقت آخر.

الفقرة الرابعة: أنواع الأموال الإقتصادية:

يمكن أن نصنف الخيرات الإقتصادية لإشباع الحاجيات حسب الآتي: 

أولا:حسب غاية استعمالها:

1-السلع أو المواد الإستهلاكية المباشرة والنهائية:

أي السلع والخدمات التي تشبع الحاجات الإنسانية مباشرة أي التي لها المنفعة المباشرة للإنسان كالغذاء، الشراب، الملابس الجاهزة، الخدمات الطبية والمواصلات.

2-السلع الإنتاجية أو الرأسمالية:

أي السلع التي لا تشبع الحاجات الإنسانية مباشرة ولكنها تستخدم في إنتاج سلع وخدمات استهلاكية أو إنتاجية كالأرض، الآلات والمعدات، الموانئ، المطارات، محطات الكهرباء والمصانع. فهذا النوع من السلع لا تطلب لذاتها وإنما تطلب لإنتاج غيرها من السلع والخدمات الأخرى الإنتاجية أو الإستهلاكية.

3-مواد وخدمات الإستهلاك الوسيطي:

وهي جميع المواد الخام كالمواد الأولية التي تدخل في إنتاج السلع الإنتاجية أو السلع الإستهلاكية. 

ثانيا: حسب مدة استعمالها:

1-السلع غير المعمرة:

وهي التي تصلح للإستعمال الواحد فهي سلع تشبع حاجة الإنسان مرة واحدة وتفنى بمجرد استخدامها (كالطعام).

2-السلع المعمرة أو الدائمة:

وهي السلع التي لها القدرة على إشباع الحاجة الإنسانية مرات عديدة خلال فترة ممتدة من الزمن تطول أو تقصر فالسلع المعمرة إما استهلاكية كالملابس والمنازل والأجهزة الكهرومنزلية، وإما سلع إنتاجية معمرة تشارك في العملية الإنتاجية مرات عديدة خلال فترة طويلة من الزمن مثال الآلات والمعدات.. 

الفقرة الخامسة: القرار الإقتصادي لمواجهة المشكلة الإقتصادية:

إن جوهر المشكلة الإقتصادية يتجلى في أن كل مجتمع يسعى إلى تحقيق الرفاهية لأفراده، وتسعى النظم الإقتصادية في هذه المجتمعات الى تحقيق تلك الرفاهية عن طريق التخفيف من حدة المشكلة الإقتصادية.

وبناءا على هذا يتم داخل كل نظام اقتصادي التعامل مع كيفية معالجة المشكلة الإقتصادية، وتتمثل الخطوات الأولى لمواجهة المشكلة الإقتصادية في وجود إرادة إقتصادية واعية لمواجهة المشكلة الإقتصادية عن طريق اتخاذ القرار الصائب الذي تفرضه ندرة الموارد أمام الحاجات غير المحدودة.

وهذا  يدفع القائمين على الشؤون الإقتصادية الى التعرف على رغبات أفراد المجتمع وتحديدها نوعا وكما، وكذلك تنظيم الإنتاج أي كيف ننتج السلع والخدمات التي استقر عليها قرار المجتمع عندما يحدد الحاجات الأولى بالإشباع.

وهذا يعني أن على المجتمع أن يتخذ قرارا آخر يحدد أنسب طرق الإنتاج بأقصى كفاءة ممكنة بحيث يتدنى وينقص حجم الضياع الإقتصادي للموارد النادرة أصلا إلى أقل قدر ممكن فمثلا إذا استقر قرار المجتمع على أن حاجة المجتمع إلى الكهرباء كبيرة وأضحت من الحاجات ذات الأولوية في الإشباع فإنه يجب عليه في نفس الوقت أن يتخذ قرارا آخر يحدد فيه كيفية توليد الطاقة الكهربائية هل باستخدام البترول أو الفحم أو الطاقة الذرية أو الطاقة الشمسية أم من طاقة الرياح أم من مساقط المياه وهاته الطاقة هل تتولى شركات الدولة إنتاجها أم شركات خاصة مملوكة للأفراد.

وبعد التعرف على رغبات أفراد المجتمع وتحديدها نوعا وكما وإنتاجها يتعين على أصحاب القرارات التوصل إلى طريقة يتم بها توزيع هذا الإنتاج على مختلف الأفراد أي كيف يقسم الناتج أو الدخل القومي بين مختلف أفراد المجتمع.

------------------

الفهرس:

المطلب الأول: تعريف الإقتصاد وأهميته وعلاقته بالعلوم الأخرى:

 الفقرة الأولى: تعريف الإقتصاد:
  أولا: الإقتصاد كفعل أو ممارسة:
  ثانيا: الإقتصاد كثروة وإنتاج:
  ثالثا: الإقتصاد كفكر أو علم:

 الفقرة الثانية: علاقة الإقتصاد بالعلوم الأخرى:
  أولا: علاقة علم الإقتصاد بالتاريخ:
  ثانيا: علاقة علم الإقتصاد بالقانون:
  ثالثا: علاقة علم الإقتصاد بعلم السياسة:
  رابعا: علاقة علم الإقتصاد بالأخلاق: 

 الفقرة الثالثة: أهمية علم الاقتصاد:

المطلب الثاني: تعريف المشكلة الإقتصادية وأسبابها وخصائصها وأنواع الأموال الإقتصادية والقرار الإقتصادي لمواجهة المشكلة الإقتصادية:

 الفقرة الأولى: تعريف المشكلة الإقتصادية:
  أولا: القسم الأول:
  ثانيا: القسم الثاني:

 الفقرة الثانية: أسباب المشكلة الإقتصادية:
  أولا: تزايد وتعدد الحاجات الإنسانية:
  ثانيا: خصائص الحاجات الإنسانية:  
   1- الحاجات الإنسانية قابلة للإحلال(الحاجة تحل محل حاجة أخرى):
   2-الحاجات الإنسانية قابلة للإلشباع:
   3-الحاجة عبارة عن ظاهرة اجتماعية:

 الفقرة الثالثة: خصائص المشكلة الإقتصادية: 
  أولا: الندرة:
  ثانيا: الإختيار:

 الفقرة الرابعة: أنواع الأموال الإقتصادية:
  أولا:حسب غاية استعمالها:
   1-السلع أو المواد الإستهلاكية المباشرة والنهائية:
   2-السلع الإنتاجية أو الرأسمالية:
   3-مواد وخدمات الإستهلاك الوسيطي:
  ثانيا: حسب مدة استعمالها:
   1-السلع غير المعمرة:
   2-السلع المعمرة أو الدائمة:

 الفقرة الخامسة: القرار الإقتصادي لمواجهة المشكلة الإقتصادية:

تعليقات