لائحة المراجع المعتمدة:
-قانون المسطرة الجنائية.
-الشرطة القضائية للأستاذ أحمد قليش.
-شروح في قانون المسطرة الجنائية لللأستاذ عبد الواحد العلمي.
-القانون رقم 03.03 المتعلق بمكافحة الإرهاب.
-شرح قانون المسطرة الجنائية للأستاذ أحمد الخلميشي.
-محاضرات في قانون المسطرة الجنائية للأستاذ فريد السموني.
-مساطر المعاينة والبحث الجنائي للأستاذ أحمد أيت الطالب.
لائحة المراجع المعتمدة:
-قانون المسطرة الجنائية.
-الشرطة القضائية للأستاذ أحمد قليش.
-شروح في قانون المسطرة الجنائية لللأستاذ عبد الواحد العلمي.
-القانون رقم 03.03 المتعلق بمكافحة الإرهاب.
-شرح قانون المسطرة الجنائية للأستاذ أحمد الخلميشي.
-محاضرات في قانون المسطرة الجنائية للأستاذ فريد السموني.
-مساطر المعاينة والبحث الجنائي للأستاذ أحمد أيت الطالب.
المطلب الأول: ضباط الشرطة القضائية السامون:
الفقرة الأولى: الوكيل العام ونوابه:
يمثل النيابة العامة أمام محكمة الاستئناف الوكيل العام للملك شخصيا بوصفه رئيسا للنيابة العامة، أو بواسطة نوابه طبقا للمادة 48 من قانون المسطرة الجنائية، وانطلاقا من نص المادة 44 من قانون المسطرة الجنائية ينعقد الاختصاص المحلي للوكيل العام في ما يلي:
-مكان ارتكاب الجريمة.
-محل اقامة أحد الاشخاص المشتبه في مشاركته في ارتكاب الجريمة.
-مكان القاء القبض على أحد هؤلاء الأشخاص ما لم يتم هذا القبض لسبب أخر.
وتسري المقتضيات والقواعد الخاصة بالاختصاص المحلي لوكيل الملك على الوكيل العام للملك مع الأخذ بعين الاعتبار اختصاص كل منهما على حدة، بمعنى أخر إذا كان الاختصاص المكاني لوكيل الملك يغطي دائرة نفوذ المحكمة الابتدائية التي يترأسها، فإن الوكيل العام للملك ينصرف اختصاصه المحلي إلى الدائرة القضائية لمحكمة الاستئناف بأكملها والتي قد تضم أكثر من محكمة ابتدائية.
لذلك يمارس الوكيل العام للملك سلطته على جميع قضاة النيابة العامة التابعين لدائرة نفوده، وكذا على ضباط وأعوان الشرطة القضائية، وعلى الموظفين القائمين بمهام الشرطة القضائية طبقا للمادتين 17 و49 من قانون المسطرة الجنائية.
في حين ينعقد الاختصاص للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط بخصوص جرائم الارهاب في جميع انحاء المملكة المغربية طبقا للقانون 03.03 المتعلق بمكافحة الارهاب.
وجدير بالذكر أن صفة ضابط سامي التي تم تخويلها للوكيل العام للملك ونوابه تمت انسجاما مع الاختصاصات الموكولة اليهم في اجراءات تحريك الدعوى العمومية في الجنايات والجنح المرتبطة بها أو المنصوص عليها في قوانين خاصة وممارسة السلطة على الشرطة القضائية.
الفقرة الثانية: وكيل الملك ونوابه:
يمثل وكيل الملك شخصيا أو بواسطة نوابه النيابة العامة في دائرة نفوذ المحكمة الابتدائية المعين بها واذا حدث لوكيل الملك مانع فيخلفه نائبه.
وفي حالة تعدد النواب فيخلفه النائب المعين من قبله، أما إذا تغيب جميع ممثلي النيابة العامة أو حدث لهم مانع، فإن الوكيل العام للملك ينتدب أحد نوابه أو أحد قضاة النيابة العامة بالدائرة القضائية لمحكمة الاستئناف ليقوم بجميع اختصاصات النيابة العامة مؤقتا، إذا اقتضت ضرورة العمل ذلك، على أن يشعر وزير العدل فورا.
وتتولى النيابة العامة لدى المحاكم الابتدائية اقامة وممارسة الدعوى العمومية، ولها حق تسخير القوة العمومية، ولقد حدد المشرع مهامها في المواد من 36 إلى 151 من قانون المسطرة الجنائية.
ولقد اشارت المادة 16 من قانون المسطرة الجنائية أن وكيل الملك يمارس مهام الشرطة القضائية، ومفاذ ذلك أن وكيل الملك يمارس مهامه كضابط سامي للشرطة القضائية في دائرة نفود محكمته ولا يمكن أن يتجاوزه إلى دائرة نفوذ محكمة أخرى وبالتالي فوكيل الملك وفي اطار تصريف اجراءاته اليومية لمكافحة الجريمة، محكوم بثلاثة ضوابط أساسية:
1-مكان ارتكاب الجريمة.
2-مكان القاء القبض على المشتبه فيه.
4-المكان الذي يسكن فيه المشتكى به أو المشتبه فيه.
وانسجاما مع ذلك يمارس وكيل الملك إجرءات الدعوى العمومية داخل دائرة نفوذ المحكمة الابتدائية التي يترأس نيابتها، فإذا ارتكبت الجريمة بدائرة نفوذه وجب احاطته علما بها وله الخيار في القيام بعملية البحث التمهيدي أو تكليف أحد ضباط الشرطة القضائية التابعين له للقيام بذلك.
وأحيانا قد يكون الطرف المشتكى به يسكن خارج دائرة نفوذ المحكمة التي يتواجد بها وكيل الملك ومبحوثا عنه بمقتضى مذكرة بحث، ففي هذه الحالة يعطي أوامره بنقل المعني بالأمر إلى النيابة العامة المصدرة للمذكرة هذا من جهة، ومن جهة أخرى قد يكون الطرف المشتكي به يسكن خارج دائرة نفود المحكمة التي يتواجد بها وكيل الملك في هذه الحالة يحيل المسطرة برمتها على وكيل الملك المختص للاختصاص ما لم يتم ضبطه في حالة التلبس.
ولقد أجاز المشرع لممثل النيابة العامة اثناء قيامه باجراءات البحث في الجرائم التي تدخل ضمن اختصاصه أن ينتقل كلما استلزمت ذلك ضرورة البحث إلى دوائر نفود المحاكم المجاورة للمحكمة التي يمارس فيها مهامه، شريطة أن يخبر بذلك مسبقا النيابة العامة لدى المحكمة التي سينتقل إليها ويبين سبب هذا التنقل بالمحضر.
الفقرة الثالثة: قضاة التحقيق:
يعين القضاة المكلفون بالتحقيق في المحاكم الابتدائية من بين قضاة الحكم لدى نفس المحكمة لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بقرار لوزير العدل، بناء على اقتراح من رئيس المحكمة الابتدائية.
وأما بخصوص محاكم الاستئناف فيعين القضاة المكلفون بالتحقيق من بين مستشاريها بنفس الطريقة للمحكمة الابتدائية بناءا على اقتراح من الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف.
ويمكن خلال هذه المدة اعفاؤهم من مهامهم بنفس الكيفية طبقا لمقتضيات المادة 52 من قانون المسطرة الجنائية.
وفي حالة تعدد قضاة التحقيق في محكمة واحدة، فإن النيابة العامة هي من تتولى تعيين من يحقق في كل قضية على حدة طبقا للمادة 90 من المسطرة الجنائية.
ويعد قاضي التحقيق ضابطا ساميا للشرطة القضائية، وعهد إليه المشرع المغربي مهمة التثبت من وقوع الجرائم وجمع الأدلة عنها والبحث عن مرتكبيها، والأكثر من ذلك منحه حق الأسبقية في ذلك إذا ما انتقل إلى مسرح الجريمة رفقة ممثل النيابة العامة وضابط الشرطة القضائية العادي.
وما يجب التأكيد عليه في هذا الصدد هو أن قضاة التحقيق لا يتم الاشراف عليهم من قبل أية جهة، ولا يتلقون التعليمات من أحد ومن تم فلا تشرف على أبحاثهم النيابة العامة بمعنى فصل سلطة الاتهام على سلطة التحقيق.
وقاضي التحقيق شأنه شأن وكيل الملك والوكيل العام للملك يمارس اختصاصه الترابي، أي داخل الرقعة أو المجال الجغرافي المعين به، والذي لا يمكن أن يخرج عن نفود المحكمة الابتدائية.
أما قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف، فإن اختصاصه المحلي يغطي نفوذ الدائرة القضائية برمتها التابعة لمحكمة الاستئناف المعين بها.
وأخيرا فإن قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بالرباط بخصوص الجرائم والقضايا المتعلقة بالإرهاب فإن اختصاصها المكاني يتعدى الحدود الجغرافية للدائرة القضائية بالرباط إلى مجموع التراب الوطني.
المطلب الثاني: ضباط الشرطة القضائية العاديون وإختصاصاتهم:
الفقرة الأولى: ضباط الشرطة القضائية العاديون:
أولا: الموظفون التابعون للإدارة العامة للأمن الوطني:
ويشمل هذا الصنف ضباط الشرطة القضائية العاديون المنتمين للأمن الوطني:" المدير العام للأمن الوطني وولاة الأمن والمراقبون العامون للشرطة وعمداء الشرطة وضباطها بالاضافة الى ضباط الشرطة المكلفون بالأحداث.
كما يمكن تخويل صفة ضابط شرطة لمفتشي الشرطة التابعين للأمن الوطني، ممن قضوا على الأقل ثلاث سنوات بهذه الصفة، بقرار مشترك صادرمن وزير العدل ووزير الداخلية.
كما يحمل صفة ضابط الشرطة القضائية المدير العام لإدارة ومراقبة التراب الوطني وولاية الأمن والمراقبون العامون للشرطة وعمداء الشرطة وضباطها بهذه الإدارة، فيما يخص الجرائم المنصوص عليها في المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية، كل هذا طبقا لمقتضيات المادة 20 من قانون المسطرة الجنائية .
ويعهد إلى الشرطة القضائية التثبت من وقوع الجرائم وجمع الأدلة عنها والبحث عن مرتكبها إضافة إلى تنفيذ أوامر وإنابات قضاء التحقيق وأوامر النيابة العامة، فإن ضباط الشرطة المكلفون بالأحداث يختصون في قضايا الأحداث الجانحين أو الذين يوجدون في وضعية صعبة ناهيك على أن ضباط الشرطة القضائية لإدارة مراقبة التراب الوطني يختصون كذلك في نوع خاص من الجرائم الواردة في المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية.
ثانيا: الموظفون التابعون للدرك الملكي:
ويشمل الاشخاص الأتية:
-ضباط الدرك وذوا الرتب فيه.
-الدركيون الذين يتولون قيادة فرقة أو مركز طيلة مدة القيادة.
-الدركيون الذين قضو على الأقل ثلاث سنوات من الخدمة بالدرك بقرار مشترك من وزير العدل والحريات ومن السلطة الحكومية المكلفة بالدفاع.
ثالثا: الموظفون المنتمون للسلطة المحلية:
يتمثل هذا النوع من ضباط الشرطة القضائية في صنف الموظفين الذين ينتمون إلى السلطة المحلية وقد ذكرهم المشرع على سبيل الحصر ويتعلق الأمر بالبشوات والقواد.
فهؤلاء الموظفون ينتمون إلى الادارة الترابية ويمثلون السلطات المحلية ويخضعون اداريا لوزير الداخلية.
والملاحظ أن المشرع منح صفة ضابط الشرطة القضائية للبشوات والقواد بمقتضى المادة 20 من قانون المسطرة الجنائية، والفصل 14 من ظهير 1976/ 09 /30 المتعلق بالتنظيم الجماعي الذي نص على أن مهمة ضابط الشرطة القضائية تبقى موكولة إلى السلطة المحلية التي تمثل السلطة المركزية في دائرة نفوذ الجماعة.
غير أن عمل هذا الصنف من ضباط الشرطة بشكل عام هو عمل إداري ينتج مع طبيعة المهام الادارية التي يقومون بها، فضلا على تكوينهم الذي لا يسعفهم أحيانا في مزاولة عمل الشرطة القضائية خصوصا وأن بعض القضايا تحتاج إلى الإمام بالقواعد القانونية والإجرائية الشكلية في تحرير محاضرها لأنها ذات طابع تقني وقانوني في ذات الآن، وقلما يلجأ القواد والبشوات إلى إرتداء عباءة ضابط الشرطة القضائية لأنهم يعتبرون ذلك ثانويا بالنسبة إليهم بالنظر إلى كثرة مهامهم الادارية.
الفقرة الثانية: إختصاصات ضباط الشرطة القضائية العاديون:
أولا: الاختصاص المكاني:
إن ضباط الشرطة القضائية العاديون يمارسون اختصاصاتهم حسب المجال أو الرقعة الجغرافية المعينين فيها لمباشرة عملهم، وهذه الرقعة قد تكون مجرد جماعة ترابية أو دائرة قضائية، وأحيانا قد تكون في مجموع التراب الوطني.
ويتوزع الاختصاص الترابي على المستوى الوطني بين مصالح المديرية العامة للأمن الوطني التي تباشر مهامها الوظيفية في المدن والمراكز الحضرية التي تتوفر فيها مفوضيات تابعة لها، بينما تمارس القيادات الجهوية والسرايا والفرق التابعة للدرك الملكي صلاحياتها في نفس المجال، خارج المناطق الحضرية وفي المراكز التي لا توجد فيها مصالح الأمن الوطني.
وتتحدد المصالح اللامركزية للأمن الوطني بموجب قرار المدير العام للأمن الوطني، أما بالنسبة لمصالح العمل الميداني للدرك الملكي تتحدد وفقا للقرارات الصادرة عن قيادته المركزية، ونظرا للترابط الوثيق بين مجالات الاختصاص الترابي لمصالح الأمن الوطني والدرك الملكي، فإن إحداث مفوضيات الشرطة (الأمن الوطني) في مراكز أو تجمعات عمرانية تكون خاضعة لنفوذ الدرك الملكي، ويتم بتنسيق مسبق بين الهيئتين، وتحت إشراف ومتابعة والي ولاية الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم، يأتي استجابة للمستجدات التي تعرفها الخريطة الديموغرافية أو التوسع العمراني والحضاري لمركز أو مدينة أو منطقة محددة.
وهناك ضابط مكاني أخر يؤطره قرار تعيين أو توظيف ضابط الشرطة القضائية فإذا كان معينا في مصلحة مركزية تشمل جميع التراب الوطني للمديرية العامة للأمن الوطني أو قيادة الدرك الملكي، فإن اختصاصه الترابي يمتد عبر التراب الوطني بكامله وإذا كان معينا في مقاطعة معينة داخل المدينة من المدن فإن اختصاصه يرتبط بحدود تلك المقاطعة.ويمتد الاختصاص المكاني لضابط الشرطة القضائية إلى جميع أنحاء التراب الوطني في حالتين:
-حالة الاستعجال و إذا اقتضت ضرورة البحث ذلك.
-بطلب من السلطة القضائية أو العمومية.
وإذا تجاوز ضابط الشرطة القضائية حدوده الترابية التي يزاول فيها وظائفه للأسباب اعلاه، وجب عليه التقيد بالإجراءات التالية:
-إشعار النيابة العامة
المختصة مكانيا بهذا الانتقال.
- تنفيذ الإجراءات بحضور ضابط الشرطة
القضائية المختص مكانيا.
وإذا تعلق الأمر بانتقال ضباط الشرطة القضائية وكان هذا الانتقال يشمل اختصاصهم لأكثر من دائرة قضائية، يتعين عليهم إشعار الجهة القضائية التي انتقلوا لإجراء البحث بدائرتها، ويمكنهم الاستعانة بضابط الشرطة القضائية أو أكتر يكون مختصا مكانيا طبقا للمادة 22 من قانون المسطرة الجنائية.
أما إذا كان ضابط الشرطة القضائية يمارس مهامه بدائرة حضرية مقسمة إلى دوائر للشرطة؛ فإن اختصاصه يمتد ليغطي مجموع الدائرة، وإذا حدث مانع لأحد ضباط الشرطة القضائية بإحدى الدوائر المنتمي إليها، يجوز تكليف ضابط من الدوائر المجاورة للقيام مقامه، مع ضرورة إخبار وكيل الملك أو الوكيل العام بأي تغيير يطرأ على الوضعية القانونية لضابط الشرطة القضائية.
بالإضافة إلى هذه الحالات والشروط التي تؤطر تجاوز ضابط الشرطة القضائية لإختصاصه المكاني فإنه يمكن لهذا الأخير القيام بالبحث خارج دائرة نفوذه الترابي دون الحصول على إذن من السلطة المختصة وذلك في مطاردة شخص خطير مشتبه فيه وتجاوز الحدود الترابية لضابط الشرطة القضائية، حيث يمكن لهذا الأخير ملاحقته ولو خارج حدود اختصاصه المكاني.
وقد منح المشرع بمقتضى المادة 22 من قانون المسطرة الجنائية إمكانية إنشاء فرق وطنية أو جهوية للشرطة القضائية، وذلك بمقتضى قرار مشترك لوزير العدل والسلطة الحكومية المشرفة إداريا على الفرقة.
تخضع هذه الفرق لتسيير النيابة العامة التي تشرف على البحث، كما يمكن للنيابة العامة إذا اقتضت ضرورة البحث أو طبيعة الجريمة، أن تعهد بالبحث إلى فرقة مشتركة تتألف من ضباط الشرطة القضائية ينتمون لجهات إدارية مختلفة يرأسها ضابط للشرطة القضائية تعينه النيابة العامة المختصة لهذا الغرض.
أما بخصوص الموظفين والأعوان المكلفين ببعض مهام الشرطة القضائية بموجب نصوص خاصة، فإن مزاولة مهامهم واختصاصهم في مجال الشرطة القضائية يكون بدائرة نفوذها الترابية حسب الشروط ضمن الحدود المبينة في هذه النصوص.
ثانيا: الاختصاص النوعي:
يحدد الاختصاص النوعي نطاق عمل وإختصاصات ضباط الشرطة القضائية وذلك بالنظر إلى نوعية الجرائم التي يكلف رجال الضبط القضائي بالتصدي لها.
فالكشف عن الجريمة يتطلب توفر الخبرة الفنية والإدارية وذلك في حدود الوظيفة الموكولة إليهم، لانهم أقدر على الإلمام بماهية العمل الذي يمارسونه.
ويختلف الاختصاص النوعي تبعا لطبيعة الصفة الضبطية لرجال الشرطة فمنهم من خول لهم المشرع الاختصاص النوعي العام ومنهم من جعل اختصاصهم مقتصرا على نوع خاص من الجرائم.
1-الاختصاص النوعي العام:
يكون الاختصاص النوعي عاما عندما يخول لرجال الشرطة القضائية صلاحية التحري والبحث في الجرائم التي تقع في دائرة اختصاصهم دون تمييز إلا ما استثني بنص خاص سواء كان ذلك في أنحاء الدولة أو في حدود التقسيم الإداري المعمول به، وقد تناولت المسطرة الجنائية المغربية الفئات التي تمارس دور الشرطة القضائية ذات الاختصاص النوعي العام، ويتعلق الأمر بضباط الشرطة القضائية السامين، بالإضافة إلى ضابط الشرطة القضائية العاديين.
ومن هذا المنطلق يختص نوعيا الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بصفته ضابطا ساميا، بجميع عمليات البحث التمهيدي في كل ما يتعلق بالجنايات، يستلزم حضوره في حال وقوع جناية تخلي ضابط الشرطة القضائية عن العملية، ويتولى الوكيل العام أو من ينوب عنه كل أعمال الشرطة القضائية المتعلقة بالبحث التمهيدي ما لم يكلف أحد ضباط الشرطة القضائية بذلك طبقا للمادة 71 من قانون المسطرة الجنائية كما يختص وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية باعتباره ضابطا ساميا الشرطة القضائية بالتثبت من وقوع الجرائم، وجمع الأدلة عنها البحث عن مرتكبيها بالنسبة للجنح والمخالفات التي تقع داخل دائرة نفوذ المحكمة الابتدائية المعين بها ويمارس مهامه بصفته تلك تحت سلطة الوكيل العام.
وما يمكن ملاحظته بهذا الخصوص هو أن إستقلالية النيابة العامة، وذلك بإحداث مبدأ التسلسل الرأسي بين أعضائها، أي أصبح وکیل الملك يمارس سلطته على جميع نوابه لدى المحاكم الابتدائية كما تنص على ذلك المادة 39 من قانون المسطرة الجنائية.
ونفس الشيء كذلك للوكيل العام للملك، والذي يمارس سلطته على جميع قضاة النيابة العامة لدى المحاكم الابتدائية، وبوصفه رئيسا للنيابة العامة.
كما أن قانون المسطرة الجنائية لسنة 2002 أيضا وإنطلاقا من نص المادة 51 قد أقر نظام الرأس والذي يوجد على رأسه وزير العدل، وأسفل الهرم يوجد الوكيل العام للملك وبعده يوجد وكيل الملك كرئيس لنوابه، مما يتأتي معه فقدان استقلالية النيابة العامة.
أما بخصوص قضاة التحقيق وبناء على تواجدهم بالمحاكم الابتدائية وبمحاكم الاستئناف، يختص الصنف الأول بالنظر في نوع خاص من الجنح، في حين يختص الصنف الثاني بالتحقيق في الجنايات، وقياسا على هذا الاختصاص القضائي، فإن قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية يمارس مهام الثبت من وقوع الجرائم وجمع الأدلة عنها والقيام بالبحث التمهيدي في الجنح لون الجنايات.
أما قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف
فإنه يمارس عمليات البحث وإجراءات البحث التمهيدي في الجنايات، وكما سبقت
الإشارة فقد منح المشرع لقضاة التحقيق الأسيقية في البحث التمهيدي
في حالة حضورهم إلى مسرح الجريمة المتلبس بها عن ممثلى النيابة العامة وباقي ضباط الشرطة القضائية العاديين الذين ينعقد لهم الاختصاص في جميع
الجرائم، تحت إشراف وسلطة النيابة العامة التي يبقى لها الحق في ممارسة
عمليات البحث التمهيدي بنفسها، أو تكليف أحد ضباط الشرطة القضائية للقيام
بذلك طبقا للمادة 18 من قانون المسطرة الجنائية.
2-الاختصاص النوعي الخاص:
يسبغ القانون على بعض الموظفين الإداريين صفة ضابط الشرطة القضائية ويحصر اختصاصهم في نوع محدد من الجرائم على اعتبار أن هؤلاء الأشخاص أكثر قدرة على البحث والتحري في الجرائم التي تقع في نطاق عملهم، وتنحصر مهمة رجال الشرطة القضائية ذوي الاختصاص الخاص في ضبط جرائم موضوعة تحت إشراف إدارتهم.
وإلى جانب الأعوان والموظفين التابعين للإدارات العمومية، ذوي الاختصاص النوعي الخاص، فقد نص قانون المسطرة الجنائية على نوع خاص من الضباط، وهم ضباط الشرطة القضائية المكلفين بالأحداث، والذين يبقى اختصاصهم مرتبط بالجرائم المرتكبة من طرف الأحداث، ويأتي هذا التوجه مطابقا لما نصت عليه المادة 12 من قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية الإدارة شؤون قضاء الأحداث التي دعت إلى إنشاء شرطة خاصة لهذا الغرض والغاية الأساسية لذلك لا تخرج عن مسألتين أساسيتين:
أ-تكريس مبدأ التخصص في التعامل مع قضايا الأحداث، نظرا لما لهذه الفئة من خصوصيات على اعتبار أن أشخاصها أناس غير مكتملى التميز والإدراك، مما يفرض معاملتهم معاملة متميزة تراعي حالتهم النفسية ومتطلبات حمايتهم ورعايتهم، ويستلزم توفير شرطة قضائية على قدر وافر من الإلمام فن معاملة الأحداث، وبإحكام القوانين الخاصة بهم.
ب-توفير الحماية اللازمة للحدث وإجتناب كل الممارسات التي قد تضر بمصلحته سيما وأن الشرطة القضائية هي أول جهة يتعامل معها، وأن أي تجاوز منها لحقوقه أو انتهاك لها أو إغفال لوضعه الاجتماعي، ودافع ارتكابه الجريمة قد يؤثر سلبا على شخصيته، فيفقد الثقة بنفسه ومحيطه وهی التي ستتولى أمره فيما بعد.
وهذا سيكون له انعكاس على نجاعة الإجراءات والخطوات اللاحقة الممكن اتخاذها في حقه فيما بعد.
ومن بين أهم المستجدات التي جاء بها المشرع في قانون المسطرة الجنائية، هو رفع سن الرشد الجنائي إلى 18 سنة ميلادية كاملة، واعتبرت الحدث الذي يبلغ 12 سنة أو أقل عديم المسؤولية، وأن مسؤوليته ناقصة ما بين 12 و 18 سنة لعدم اكتمال التمييز.طبقا للمادة 458 من قانون المسطرة الجنائية.
وفي نفس السياق نصت المادة 460 من قانون المسطرة الجنائية على مجموعة من الحقوق للحدث أثناء مرحلة البحث التمهيدي وهي:
1-الإحتفاظ بالحدث:
بحيث لا يمكن وضعه تحت الحراسة النظرية، بل ينبغي الإحتفاظ به داخل أماكن مخصصة لأحداث بمصالح الشرطة القضائية لمدة لا يمكن ان تتجاوز المدة المحددة للحراسة النظرية، وفي حالة التمديد ينبغي تقديمه للنيابة العامة للحصول على موافقتها.
ويبقى هذا الإجراء مجرد إستثناء في الأصل الذي يقتضي تسليم الحدث لمن يتولى رعايته شريطة أن لا تتجاوز مدة هذا الإجراء 15 بوما وهو ما يطلق عليه بنظام الحرية المحروسة.
والإشكال المطروح في هذا الباب فيتعلق بحالة غياب الأبوين أو وليه، فهل يمكن لضابط الشرطة القضائية أن يحتفظ بالحدث بالأماكن المخصصة للأحداث لدي مصالح الشرطة، أم أن يأمر بإداعه بإحدى مؤسسات التهذيب والإصلاح، في حين أن هذا الإجراء هو من اختصاص قاضي التحقيق أو هيئة الحكم، وأن المبدأ لا يقتضي اللجوء إليه إلا بعد تحريك المتابعة بحيث أن الفقرة الثانية من المادة 460 تبقي بدون تفعيل وتطرح إشكالا عمليا لا بالنسبة لضباط الشرطة القضائية المخصصين للأحداث ولا كذلك النيابة العامة المعنية، في الميدان العملي غالبا ما يلجأ ضابط الشرطة القضائية في تعاملهم مع الأحداث الجانحين بالاحتفاظ بهم بالأماكن المخصصة لهم لمدة لا يمكن أن تتجاوز المدة المحددة للحراسة النظرية.
والملاحظة التي يمكن إثارتها بهذا الخصوص، هي عدم توفر أغلب الدوائر القضائية على المراكز والمؤسسات المنصوص عليها في المادة 471 من قانون المسطرة الجنائية سيما المؤهلة لإستقبال الأحداث الجانحات الإناث.
2-إشعار ولى الحدث:
يستوجب على ضابط الشرطة القضائية أن يقوم اشعار ولى الحدث أو من يقوم مقامه بالإجراءات المتخذة في حقه مع ضرورة التنصيص على ذلك في المحضر حسب ما تقتضي به الفقرة الرابعة من المادة 460 التنصيص من قانون المسطرة الجنائية، إلا أنه من الناحية العملية يتعذر في الكثير من الحالات على الضابطة القضائية القيام بهذا الإجراء لأن العديد من الأحداث يصعب الكشف عن هويتهم عند ضبطهم في حالة التشرد، وتعمدهم إخفاء هويتهم خصوصا في المناطق التي يتواجد بها الأحداث بهدف الهجرة الغير الشرعية.
بالإضافة إلى ذلك يلتزم ضابط الشرطة القضائية بعدم إيذاء الحدث، وذلك عند أول اتصال به، خاصة إذا قرر الإحتفاظ به.
وعموما وفي إطار تدبير السياسة الجنائية لعدالة الأحداث، فإن ضباط الشرطة القضائية المكلفون بالأحداث لا يتعاملون فقط مع الأحداث الجانحين والمشتركين في أفعال إجرامية، بل كذلك الأحداث المتواجدين في وضعية صعبة والمتضررين من جراء سلوكيات إجرامية من طرف الغير مع قيامهم بأبحاث اجتماعية في حقهم رغم أنه من الناحية العملية يتم إسناد مهمة البحث والتقصي عن الجرائم المرتكبة من طرف الأحداث وإنجاز محاضر بشأنها إلى ضباط غير مكلفين بالأحداث، دون أن تعتبر تلك المحاضر مشوبة بعنيب شكلي، وهو الأمر الذي يتعارض مع إرادة المشرع الرامية إلى إقامة وحدات شرطة متخصصة لتحسين ضوابط منع الجرائم ومكافحتها ومعاملة المجرمين الأحداث بشكل يحفظ كرامتهم وحقوقهم.
المطلب الثالث: مسؤولية ضباط الشرطة القضائية والمسطرة المتخذة لمتابعتهم:
الفقرة الأولى: المسؤولية التأديبية:
بحكم طبيعة المهام الجسيمة لضباط الشرطة القضائية المرتبطة أساسا بحقوق وحريات الافراد، تعمل الجهات التي ينتمون اليها على مراقبة والوقوف على الافعال الصادرة منهم وتوقيع عقوبات في حقهم.
وتعرف المسؤولية التأديبية بأنها صلاحية فاعل المخالفة التأديبية على تحمل تبعة سلوكه فكما سلف الذكر إن العقوبات التي تصدرها الغرفة الجنحية في حق ضباط الشرطة القضائية والموظفين المكلفين ببعض مهام الشرطة القضائية لا تعفيهم من العقوبات الادارية التي يتعرضون لها من طرف السلطة الإدارية الخاضعين لها، على كل الأخطاء التي يرتكبونها اثناء ممارسة مهامهم كشرطة قضائية.
وإذا كانت المسؤولية التأديبية تجد مصدرها في قانون المسطرة الجنائية، فإن المسؤولية الإدارية تجد اساسها في الشق الخاص بالعقوبات المنصوص عليها في قانون الوظيفة العمومية والنظام الأساسي للإدارة التي ينتمي إليها المو ظف.
ولوقوع الجريمة التأديبية وبالتالي إثارة المسؤولية الإدارية، يشترط أن يكون الفعل المعاقب عليه قد ارتكبه موظف له رابطة وظيفية بالإدارة.
وهذا ما يدفع بالقول بأن نظام التأديب الإداري هو نظام طائفي أي أنه يتعلق بطائفة معينة في المجتمع على عكس النظام العقابي الذي يتصف بالعمومية والشمول وتختلف العقوبات الادارية الصادرة في حق ضباط الشرطة القضائية باختالف الإدارات التي ينتمون إليها.
فإذا كان ضابط الشرطة القضائية ينتمي إلى إدارة لا ينظمها قانون خاص ينص على عقوبات إدارية فإنه يخضع للعقوبات المنصوص عليها في ظهير شريف 1-58-800 المتعلق بالنظام الاساسي العام للوظيفة العمومية.
أما إذا كان ضابط الشرطة القضائية ينتمي إلى إدارة ينظمها قانون خاص متعلق بالتأديب فانه يخضع الى تلك العقوبات الإدارية المنصوص عليها في هذا الأخير، وكنموذج لهذه القوانين الخاصة بالادارات نذكر على سبيل المثال المسؤولية الادارية لضباط الشرطة القضائية التابعين للمديرية العامة للأمن الوطني حيث يخضعون للعقوبات الإدارية المنصوص عليها في ظهير شريف رقم 1.09.213 المتعلق بالمديرية العامة للأمن الوطني والنظام الاساسي لموظفي الامن الوطني.
ففي ما يخص العقوبات المنصوص عليها في الظهير شريف1-58-008 المتعلق بالنظام الاساسي العام للوظيفة العمومية فقد نص عليها الفصل 66 من الظهير حيث جاء فيه:
تشتمل العقوبات التأديبية المطبقة على الموظفين على ما يأتي، وهي مرتبة حسب تزايد الخطورة:
• الإنذار.
• التوبيخ.
• الحذف من لائحة الترقي.
• الانحدار من الطبقة.
• القهقرة من الرتبة.
• العزل من غير توقيف حق التقاعد.
• العزل المصحوب بتوقيف حق التقاعد.
وهناك عقوبتان تكتسيان صبغة خصوصية وهما الحرمان المؤقت من كل اجرة باستثناء التعويضات العائلية وذلك لمدة لا تتجاوز ستة أشهر، والإحالة الحتمية على التقاعد ولا يمكن إصدار هذه العقوبة الاخيرة إلا إذا كان الموظف مستوفيا للشروط المقررة في تشريع التقاعد.
وتعتبر المسطرة التأديبية التي تصدر من خلالها المديرية العامة للأمن الوطني العقوبات الادارية مستقلة عن الدعوى الجنائية المقامة ضد ضابط الشرطة القضائية سواء تعلق الامر بمخالفته التزاماته المهنية أو بجريمة من جرائم الحق العام غير أنه إذا كانت الافعال التي توبع بها الموظف إداريا هي نفسها الأفعال التي توبع بها جنائيا أوصدر حكم نهاني حائز لقوة الشيء المقضي به يقضي ببرائته يجب على المديرية العامة الامن الوطني وضع حد للمتابعة التأديبية في حق الموظف، وهذا ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف الادارية بالرباط في قرار صادر عنها حيث جاء فيه:
"... حيث أنه ولئن كانت وسائل الإثبات في الميدان الجنائي تختلف عنها في الميدان التأديبي، أنه حينما تكون الافعال التي توبع بها الموظف جنائيا هي نفسها التي توبع بها تأديبيا، فإن الحكم النهائى الحائز لقوة الشيء المقضي به القاضي ببراءته يقتضي من الإدارة وضع حد للمتابعة التأديبية في حقه فبالاحرى إصدار قرار إداري بمعاقبته.
وحيث أن تجاهل الادارة المطلوبة في الطعن الحكم القضائي المذكور رغم توضيحها للمبررات التي اعتمدتها في إصدارالقرارالمطعون فيه، والمتمثل في عزل الطاعن، يجعل هذا القرار متسما بتجاوزالسلطة لعيب انعدام السبب وموجبا للإلغاء ويحق للموظف المتابع الاطلاع على ملفه التأديبي كما يحق له تعيين محام لمؤازرته".
وفي هذا الصدد أكدت المحكمة الادارية بالرباط في حكمها تحت عدد 13/7110/399 بين الطاعن في القرار موظف المديرية العامة للأمن الوطني من جهة، و بين السيد المدير العام للأمن الوطني من جهة أخرى، حيث جاء فيه:
"أنه برجو ع المحكمة لوثائق الملف لم يثبت احترام الادارة المطلوبة في الطعن للضمانات القانونية التي يمنحها القانون للموظف.
ذلك أن المدعي عليها أسست قرار العزل على قيام المدعي بأفعال جنائية في حين لم تقع متابعته بهذا الشأن أمام القضاء المختص، للبث فيها بحكم فاصل، فضلا عن انعقاد المجلس التأديبي بشكل فوري يوم وقوع الافعال المنسوبة للطاعن، دون تمكينه من تجهيز دفاعه، طبقا للفصل 67 من النظام الاساسي للوظيفة العمومية، الذي ينص على أن للموظف المتابع الحق في أن يطلع على ملفه الشخصي بتمامه وعلى جميع الوثائق الملحقة به، كل ذلك يجعل قرار العزل بشكل سابق متابعة زجرية، ودون احترام حقوق الدفاع المكرسة دستوريا مخالفا للقانون وموجبا للإلغاء".
ويجوز للموظف الذي صدرت في شأنه عقوبة تأديبية والذي لم يقع اخراجه من أسلاك الادارة ان يقدم للوزارة التي ينتمي إليها طلبا يلتمس فيه أن لا يبقى في ملفه اي آثر للعقوبة الصادرة عليه، وذلك بعد مرور خمس سنوات إذا كان الامر يتعلق بإنذار أو بتوبيخ وعشر سنوات في غير هذه العقوبات.
وإذا اصبحت سيرة الموظف العامة مرضية بعد العقوبة الصادرة عليه فانه يستجاب لطلبه ويبث الوزير في ذلك بعد استشارة المجلس التأديبي ويعاد تكوين الملف في صورته الجديدة.
أما فيما يخص العقوبات الادارية لضباط الشرطة القضائية التابعين للمديرية العامة للأمن الوطني فهي نفس العقوبات تقريبا المنصوص عليها في قانون الوظيفة العمومية، وقد نصت عليها مقتضيات المادة 20 من ظهير شريف رقم 1.09.213 المتعلق بالمديرية العامة الأمن الوطني والنظام الأساسي لموظفي الأمن الوطني، وتتوزع إلى ثلاث مجموعات:
➢ المجموعة الأولى:
-الإنذار.
- التوبيخ.
➢ المجموعة الثانية:
- الحذف من لائحة الترقي.
- الانزال من الرتبة.
- التوقيف المؤقت عن العمل لمدة أدناها 15 يوما و أقصاها 6 أشهر.
- الانزال من الدرجة.
➢ المجموعة الثالثة:
- الاحالة إلى التقاعد الحتمي.
- العزل.
الفقرة الثانية: المسؤولية الجنائية:
إن الأفعال والاختلالات التي يرتكبها ضباط الشرطة القضائية وأعوانهم قد تتجاوز حد الاخطاء المذكورة لتكتسي أشكالا تمس بحريات أو حقوق الأفراد ويتجاوز بالتالي حدود ما يسمح به القانون، مما يؤدي إلى إثارة المسؤولية الجنائية التي تتحقق من الناحية العملية عن كل الجرائم التي يرتكبونها أثناء ممارستهم لمهامهم أو بمناسبة ممارستهم لها والمنصوص عليها في القانون الجنائي أو المسطرة الجنائية، أو بعض القوانين الخاصة.
ويقصد بالمسؤولية الجنائية التزام شخص بما تعهد القيام به أوالامتناع عنه حتى إذا أخل بتعهده تعرض للمسائلة عن نكوثه فيلتزم عندها بتحمل نتائج هذا النكوث.
وإن إثارة المسؤولية الجنائية وتحريك مسطرة المتابعة في حق ضابط شرطة القضائية تخضع لمسطرة خاصة نص عليها قانون المسطرة الجنائية في المادة 268 التي نصت على ما يلي: "إذا نسب لباشا أو خليفة أو لعامل أو رئيس دائرة أو قائد أو لضابط شرطة قضائية من غير القضاة المشار إليهم في المواد السابقة ارتكابه لجناية أو جنحة أثناء مزاولة مهامه، فإن الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف المعروضة عليه القضية من طرف الوكيل العام للملك، يقرر ما إذا كان يقتضي الأمر إجراء البحث، وفي حالة الإيجاب يعين مستشارا مكلفا بالتحقيق بمحكمته وإذا تعلق الامر بجناية فإن المستشار المكلف بالتحقيق يصدر أمرا بالإحالة إلى غرفة الجنايات، أما إذا تعلق الأمر بجنحة فإنه يحيل القضية إلى محكمة ابتدائية غير التي يزاول المتهم مهامه بدائرتها...".
ومن ضمن الجرائم التي قد يرتكبها ضباط شرطة القضائية اثناء مزاولتهم لمهامهم ويترتب على إثرها إثارة مسؤوليتهم الجنائية نذكر:
1-جريمة الرشوة:
يعد مرتكبا لجريمة الرشوة طبقا لمقتضيات الفصل 248 من قانون المسطرة الجنائية، من طلب أو قبل عرضا أو وعدا أو طلب أو تسلم هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى من أجل القيام بعمل من أعمال وظيفته بصفته قاضيا أو موظفا عموميا أو متوليا مركزا نيابيا أو الامتناع عن هذا العمل، سواء كان عمال مشروعا أو غير مشروع.
ويعاقب بالحبس من سنتين الى خمس سنوات وبغرامة من ألف درهم إلى خمسين ألف درهم إذا كان مبلغ الرشوة اقل من مائة ألف درهم، وأما إذا كان مبلغ الرشوة يفوق ذلك يعاقب مرتكب الجريمة بالسجن من خمس سنوات إلى عشر سنوات وغرامة من خمسة الاف درهم إلى مائة ألف درهم.
2-جريمة التعذيب:
يقصد بالتعذيب كما عرفه الفصل 231-1 من قانون المسطرة الجنائية:
"كل فعل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسدي أو نفسي يرتكبه عمدا موظف عمومي أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه، في حق شخص لتخويفه أو إرغامه أو إرغام شخص أخر على الإدلاء بمعلومات أو بيانات أو اعتراف بهدف معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه هو أو شخص أخر، أو عندما يلحق مثل هذا الالم أو العذاب لأي سبب من الاسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه".
ويعاقب بالسجن من خمس إلى خمس عشرة سنة وغرامة من 10.000 إلى 30.000 درهم ضابط شرطة القضائية الذي مارس على شخص التعذيب.
وقد يعاقب بالسجن المؤبد إذا ارتكب التعذيب ضد قاصر دون سن 18 سنة، أو ضد شخص يعاني من وضعية صعبة بسبب كبر سنه أو بسبب مرض أو إعاقة أو بسبب نقصن بدني او نفسي على ان تكون هذه الوضعية ظاهرة أو معروفة لدى الفاعل، أو ضد امرأة حامل إذا كان حملها بينا.
أما إذا نتج عن التعذيب موت دون نية إحداثه يعاقب بالسجن من عشرين إلى ثلاثين سنة وفي حالة توفر سبق الإصرار أو استعمال السلاح تكون العقوبة السجن المؤبد.
3-الجرائم المتعلقة بتجاوز السلطات الإدارية لإختصاصاتها:
يعاقب بالتجريد من الحقوق الوطنية ضابط الشرطة القضائية الذي يتدخل في أعمال السلطة التشريعية، وذلك بإصداره نظم تشتمل على نصوص تشريعية وإما بتعطيل أوتوقيف تنفيذ قانون أو أكثر، أو الذي يتدخل في المسائل المخولة للسلطات الإدارية، وذلك إما بإصدار نظم متعلقة بهذه المسائل، وإما بمنع تنفيذ أوامر الادارة كما جاء في مضمون الفصل 237 من القانون الجنائي.
الفقرة الثالثة: المسؤولية المدنية:
إلى جانب المسؤولية التأديبية والمسؤولية الجنائية التي قد يتعرض لها ضباط الشرطة القضائية قد تثار أيضا في حقهم مسؤولية مدنية.
ويقصد بالمسؤولية المدنية حالة الشخص الذي ارتكب أمرا يستوجب إلزامه بتعويض ما سببه من ضرر للغير، ويتحمل ضباط الشرطة القضائية المسؤولية المدنية وفقا للقواعد العامة عن الاضرار المادية والمعنوية التي يلحقونها بالغير أثناء مزاولتهم لمهامهم، حيث يمكن للمتضرر أن يطالب بالتعويض إما عن طريق الدعوى المدنية التابعة أو في إطار أحكام المسؤولية التقصيرية.
1-الدعوى المدنية التابعة:
إذا كانت المسطرة المدنية تعنى بالدعاوى والنزاعات المدنية، فإن المسطرة الجنائية بدورها لا تعني إلا بالدعاوى الجنائية هذا هو الاصل، إلا أن هناك نوعا من الدعاوى المدنية يرتبط ارتباطا وثيقا بالدعوى العمومية ويتحد معها في المصدر الذي هو الجريمة التي تسببت في الضرر الخاص والذي سمح القانون بعرضها استثناء على القضاء الزجري لينظر في تعويض الضرر وهذا ما يسمى بالدعوى المدنية التابعة.
إذا اختار المتضرر سلوك الطريق الجنائي في إطار الدعوى المدنية التابعة، فإن مطالبته تخضع لمقتضيات المواد 348 إلى 356 من قانون المسطرة الجنائية، ولكي تسمع دعواه المدنية يجب عليه التقيد بالشروط التالية:
-ألا يكون قد سبق له أن انتصب طرفا مدنيا أمام قاضي التحقيق.
-تحديد المطالب المدنية بمقتضى مذكرة مرفقة بصورة لوصل أداء الرسم القضائي الجزافي؛ أو تقديم مطالبة بتصريح شفهي يسجله كاتب الضبط بالجلسة وينذره لأداء الرسم القضائي.
-إذا كان المتضرر قاصرا أو ليست له أهلية ممارسة حقوقه المدنية فيجب أن يقيم الدعوي من يمثله قانونا وفي هذا الإطار نص الفصل 226 من القانون الجنائي على أن الجنايات المعاقب عليها تنتج عنها مسؤولية مدنية شخصية على عاتق مرتكبها كما تنتج عنها مسؤولية الدولة مع احتفاظها بالحق في الرجوع إلى الجاني.
إلى جانب المطالبة بالتعويض أمام القضاء الزجري، قد منح المشرع للمتضرر الحق في المطالبة بالتعويض أمام القضاء المدني في إطار المسؤولية التقصيرية.
2- الدعوى المدنية في إطار المسؤولية التقصيرية:
إن مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المدنية الشخصية تخضع للنظرية العامة للمسؤولية التقصيرية التي تستلزم وجود علاقة سببية بينهما وعليه فإن المتضرر من إخلال ضابط الشرطة القضائية يمكنه أن يتقدم أمام القضاء المدني طلب التعويض في إطار أحكام المسؤولية التقصيرية المنظمة طبقا لمقتضيات الفصلين 79 و80 من قانون الالتزامات والعقود.وسلوك الطريق المدني في إطار أحكام المسؤولية التقصيرية يجب مراعاة الشروط التالية:
-أن يكون المدعي تعرض شخصيا لضرر جسماني أو مادي أو معنوي تسببت فيه
الجريمة مباشرة.
-لا يجوز للمتضرر الذي أقام دعوى لدى المحكمة المدنية المختصة أن يقيمها
لدى المحكمة الزجرية.
-البت في الدعوى المدنية في إطار المسؤولية التقصيرية رهين بصدور حكم نهائي في الدعوى العمومية من طرف المحكمة الزجرية.
ناهيك عن التقدم بطلب في الموضوع إلى المحكمة المدنية مستوفيا لشروطه الشكلية بواسطة محامي مع أداء الرسوم القضائية إلا أنه عندما تثار مسؤولية الدولة وجب التمييز بين الاخطاء المصلحية والاخطاء الشخصية.
فالخطأ المصلحي هو الذي يرتكبه ضابط الشرطة القضائية وينسب إلى الدولة باعتباره موظف تابعا لها، هذا الخطأ الذي يصدره إما أثناء تأديته لوظيفته أو بسببها، شريطة أن تكون العلاقة السببية قائمة بين الخطأ والوظيفة، وأن الوظيفة هي السبب المباشر للخطأ وإلا سقطت مسؤولية الدولة.
أما الخطأ الشخصي فهو الذي ينسب إلى ضابط الشرطة القضائية شخصيا والذي يتحمل فيه مسؤولية شخصية كاملة متى ارتكبه خارج وظيفته، أو في حالة الأخطاء الجسيمة التي يرتكبها ضابط الشرطة القضائية أثناء قيامه بوظيفته.
وفي هذه الحالة ترفع الدعوى بشكل مباشر في حق ضابط الشرطة القضائية المتسبب في الضرر ولا يمكن رفعها ضد الدولة إلا في حالة إعسار هذا الأخير مع حفظ حق الدولة في الرجوع إليه كما هو منصوص عليه في الفصل 80 من قانون الالتزامات والعقود.
الفقرة الرابعة: المسؤولية الإدارية:
يسأل ضباط الشرطة القضائية عن الأخطاء الادارية التي يرتكبونها وفقا للقوانين والأنظمة الداخلية الجاري بها العمل وتتجلى آثار العقوبات الادارية في تأثيرها على الحياة الادارية لأعضاء الشرطة القضائية المخالفين.
فبالنسبة للضباط السامين للشرطة القضائية الذين يتوفرون على الصفة القضائية فيرجع أمر النظر في المخلافات المهنية الإدارية التي يرتكبونها الى المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
أما باقي ضباط الشرطة القضائية والموظفين والأعوان الذين يقومون ببعض مهام الشرطة القضائية فإنهم يخضعون للعقوبات التأديبية الواردة في الفصل 66 من ظهير 24 في 1958 وهي مرتبة حسب خطورتها على الشكل التالي:
1- الإنذار.
2- التوبيخ.
3- الحذف من الئحة الترقي.
4- الإنحدار من الطبقة.
5- القهقرة من الرتبة.
6- العزل من غير توقيف التعاقد.
7- الحرمان المؤقت من كل أجرة باستثناء التعويضات العائلية لمدة لا
تتجاوز ستة أشهر.
8- الإحالة الحتمية على التقاعد.
الفقرة الخامسة : المسطرة المتخذة لمتابعة لضباط الشرطة القضائية:
يشترط المشرع أن تكون الجنايات والجنح المنسوبة لهذه الفئة قد ارتكبت أثناء مزاولة مهامهم، أما إذا ارتكبت خارج قيامهم بوظائفهم فإنهم يخدعون لمسطرة المتابعة العادية، ويتم اتباع المسطرة التالية لمتابعة هذه الاصناف:
1-عرض القضية على الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بملتمس من طرف الوكيل العام للملك.
2-يقرر الرئيس الأول ما إذا كان الأمر يقتضي إجراء بحث وفي حالة الإيجاب يعين مستشارا مكلفا بالتحقيق بمحكمته.
3-إذا تعلق الأمر بالجناية، فإن المستشار المكلف بالتحقيق يصدر أمرا بالإحالة على غرفة الجنايات، فإذا تعلق الأمر بجنحة فإنه يحيل القضية إلى المحكمة الابتدائية غير التي يزاول المتهم مهامه بدائرتها.
4-ويمكن المطالبة بالحق المدني وفقا للمواد 350 و 351 من قانون المسطرة الجنائية.
--------------------------
الفهرس:
المطلب الأول: ضباط الشرطة القضائية السامون:
الفقرة الأولى: الوكيل العام ونوابه:
الفقرة الثانية: وكيل الملك ونوابه:
الفقرة الثالثة: قضاة التحقيق:
المطلب الثاني: ضباط الشرطة القضائية العاديون وإختصاصاتهم:
الفقرة الأولى: ضباط الشرطة القضائية العاديون:
أولا: الموظفون التابعون للإدارة العامة للأمن الوطني:
ثانيا: الموظفون التابعون للدرك الملكي:
الفقرة الثانية: إختصاصات ضباط الشرطة القضائية العاديون:
أولا: الاختصاص المكاني:
ثانيا: الاختصاص النوعي:
1-الاختصاص النوعي العام:
2-الاختصاص النوعي الخاص:
المطلب الثالث: مسؤولية ضباط الشرطة القضائية والمسطرة المتخذة لمتابعتهم:
الفقرة الأولى: المسؤولية التأديبية:
الفقرة الثانية: المسؤولية الجنائية:
الفقرة الرابعة: المسؤولية الإدارية:
الفقرة الخامسة : المسطرة المتخذة لمتابعة لضباط الشرطة القضائية: